رمضانيات رياضية

 المعتصم البوسعيدي

حصدَ نادي ظفار لقبَ الدوري مُؤكداً زعامته وتفرده بالرقم القياسي، وبدون خسارة تذكر حتى الآن، تاركا صراع المراكز لبقة الأندية، خاصة صراع الهبوط الذي يشهد في كل موسم إثارة كبيرة وحماسا منقطعَ النظير، وأصواتًا مرتفعة من الظن والشك ولا جديد "تحت الشمس"؛ فهذه الصورة "البانورامية" السريعة تعطينا الجواب الشافي لشطر البيت القائل: "تنشد عن الحال، هذه هي الحال.." حال كرتنا ورياضتنا ذات "الهرم المقلوب" كما قال أحدهم!

تستقطبُ الدورات الرمضانية مجموعة كبيرة من ممارسي كرة القدم على اختلاف مستوياتهم، ولولا جدية التعامل في السنوات الأخيرة حول منع لاعبي المنتخبات والأندية لكانَ الجميع منخرطا فيها؛ فقد باتت هذه الدورات تملك الصيت المرموق والحوافز المغرية، علاوة على أنها أصبحت كالعادة الرمضانية بين الناس، وبعيدا عن قناعتي -السلبية- حول هذه الدورات في الشهر الفضيل، أتمنَّى أن يسعى اتحاد كرة القدم -وبالتعاون مع وزارة الشؤون الرياضية- لوضع دراسة تسعى للخروج بنتائجٍ ومؤشراتٍ حول قيمة الدورات الرمضانية وتأثيرها على واقع الكرة العمانية الصعب في كل الأحوال!

لا أدَّعي أنَّني مطلع كل الاطلاع على ما يحدث في الإعلام الرياضي العربي، لكن ما حدثَ في الاجتماع الأخير وتعليق إعلامنا الرياضي المتمثل في الأستاذ سالم الحبسي، ومن ثمَّ الردود من هنا وهناك، والتداخل الواضح للسياسة وتقاطعها مع كل ما جرى، إضافة لأسلوب الهمز واللمز يجعلنا لا نندهش ولا نتعجب؛ فالوضع ذاته -وللأسف- يدور في أكثر من مجال عربي، على أنَّنا نثق كل الثقة بقيمة إعلامنا وتوجهاته حتى وإن تباينت الآراء واختلفت القناعات، ونقولها "بالفم المليان": العمانيون لا يتبعون أحدا، نهجهم واضح، ولا ينجرون وراء تيار الإقصاء والإفراط والتفريط، ولا يجزِّؤون الكل ولا يتبعون الهوى، ويدخلون كما قال الحبسي "من الأبواب الواسعة".

لقد أثبتتْ كُرة القدم أنَّها لعبة اللا توقعات؛ ففي عز سطوة نادي برشلونة وفوزه العريض بمباراة ذهاب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا على نادي ليفربول، كانت مباراة الذهاب -نظريًّا- قد حسمت ولسان حال الناس باستحالة تكرار مشهد روما في الموسم المنصرم؛ فالظروف مختلفة نسبيا، زادتها غيابات نجوم "الريدز" في ملعب "الإنفليد" يتقدمهم الفرعون المصري محمد صلاح. وما هي إلا تسعين دقيقة حتى تبعثرت أسطورة النادي الكتلوني بقيادة نجمهم الكبير ميسي، وكتبت اللحظات التاريخية للمدرب الألماني كلوب ولاعبيه وهم يرددون محتفلين النشيد الشهير: "عندما تمشي خلال عاصفة، ارفع رأسك عاليا، ولا تخف من الظلام. في نهاية العاصفة هناك سماء ذهبية، وهناك أغنية المرح الفضية اللطيفة، أمض قدما خلال الرياح، أمض قدما خلال المطر، بالرغم من تأرجح وتبخر أحلامك، أمض قدما أمض قدما، والأمل يملأ قليك، ولن تسير لوحدك أبدا، لن تسير لوحدك أبدا". إنَّه الدرس القديم الجديد لكرة القدم وجنونها الممتع.