رفقا بالمستهلك

ناصر بن سلطان العموري

شهر رمضان.. هذا الضَّيف الكريم الجليل، سيد الشهور دون مُنازع، شهر الخير والبركات والنفحات الربانية، وكما هو معلوم تكثُر فيه الحركة الشرائية للمواد الاستهلاكية بصورة غير طبيعية؛ مما يؤدي للإسراف لدى البعض، وهو في الوَاقع غير محمُود شرعاً؛ لأنَّ شهر رمضان هو شهر الخير والعبادة، وفيه تُضَاعف الأعمال، ولكن قد يقول قائل إنَّها قد تكون أنماط استهلاكية مجتمعية.

غير أنَّني أحببتُ في هذا المقال أنْ أركِّز على دور كل من الهيئة العامة لحماية المستهلك، وما تقوم به من دور رقابي غني عن التعريف، والتاجر وما يجب عليه فعله تجاه أفراد مجتمعه، والمستهلك وما ينبغي عليه عمله، لا سيما في المواسم الاستهلاكية؛ سواء في شهر رمضان، أو في مواسم الشراء القادمة، وهي المعروفة للجميع شراء مستلزمات عيدي الفطر والأضحى، وشراء احتياجات المدارس.

أولا: الهيئة العامة لحماية المستهلك: لا يختلفُ اثنان حول عمل الهيئة وتأثيرها الواضح والملموس منذ ظهورها، وكما عودتنا خلال السنوات الفائتة في شهر رمضان المبارك بالاستمرار في التشديد على الرقابة على الأسواق، وعدم السماح لضعاف النفوس من التجار باستغلال هذه المناسبة الدينية التي تمرُّ علينا في السنة مرة واحدة؛ وذلك بتشديد الرقابة عليهم ومنعهم من رفع أسعار المواد بشكل غير مبرر، وإحالة المخالفين منهم للجهات المختصة لتطبيق أشد العقوبات عليهم، وتكثيف فرق المتابعة من المفتشين، لا سيما في أوقات الذروة، وبشكل خاص في أماكن ومراكز المدن والأسواق الرئيسية، وهنا أرفع القبَّعة لهم من خلال ما شاهدته خلال الإجازة الأسبوعية الفائتة بأم عيني من مفتشين يجوبون الأسواق حرصا على سلامة وصحة المستهلك. ويجب كذلك على الهيئة خلال الفترة المقبلة التأكيد على المزودين والشركات في توفير السلع الأساسية التي لا غِنى عنها على مائدة الصائم؛ وذلك لتوفير مُنتجاتها بشكل مناسب؛ مما لا يسمح بحدوث عجز في جميع محافظات السلطنة، والسعي نحو استقرار جميع أنواع السلع، خصوصا المواشي والخضراوات و الفواكه والألبان، وكم هي جميلة مبادرة الهيئة بالتنسيق مع المراكز التجارية في توفير سلة رمضانية متكاملة تحوي جميع ما يحتاجه الصائم من منتجات وبسعر معقول ومناسب، وهذه بشكل خاص تناسب أصحاب الدخل المحدود، والقائمين على موائد الإفطار الجماعي التي تقام بكثرة في بلدنا بلد الخير، فيجب أن يعلم الجميع أنَّ المستهلك والتاجر والهيئة العامة لحماية المستهلك، كلها أضلاع في منظومة واحدة إن تعاونتْ وتكاملتْ أضلاعُها، وصل الجميع لبر الأمان، فلا ضرر ولا ضرار.

ثانيا: التاجر (المزوِّد): هو ابن هذا البلد، أو لنقل مُستفيد من خيراته، ومن المفترض أنْ يهمه مصلحته ومصلحة من يعيش على أرضه، صحيح أنَّ الرِّبح والعائد هو المبتغى المنشود لكل تاجر، ولكن عليه مراعاة المستهلكين بأن يكون ربحه معقولا وليس انتهازا لفرصة حاجة المستهلكين للسلعة فيزيد من ثمنها دون مبرر سوى الكسب السريع، كما أن على التاجر أن يكون متعاونا ومتساهلا موفرا لجميع السلع والمستلزمات بأسلوب جميل وجذاب وتقديمها بخدمة لائقة، كما يجب عليه كذلك أن يكون ملمًّا بقوانين وأنظمة الهيئة العامة لحماية المستهلك، مطبقاً لها وعاملا بها، فلا يجب أن يقوم بتخفيضات وهمية وإعلانات غير واقعية، ويرفع الأسعار بشكل مبالغ فيه استغلالا لشهر رمضان وهنا واجب تقديم التحية لبعض التجار على تعاونهم مع هيئة حماية المستهلك فيما يتعلق بتوفير السلة الغذائية الرمضانية؛ فالتاجر يعتبر حلقة مهمة في منظومة تحريك العجلة الاقتصادية في البلد متى ما أدَّى دوره على أكمل وجه؛ فبصلاح التاجر تصلح وتتحرك العملية الشرائية على أكمل وجه.

ثالثا: المُستهلك: مُطالب بالاعتدال في الشراء، واعتبار هذا الشهر كسائر الشهور في المأكل والمشرب، كما يجب على المستهلك أن ينوِّع في خياراته الشرائية؛ بحيث لا تقتصر قائمة مشترياته على سلع من منتجات معينة في كل مرة؛ وذلك حتى لا يقع تحت طائلة الاستغلال، بل عليه الاتجاه لشراء سلعة أخرى بنفس الجودة وبسعر أقل، وهنا سيضرب عصفوريْن بحجر واحد، وهو التوفير في ميزانية مشترياته وإعطاء الشركة المنتجة للسلعة درسا في عدم رفع السعر، كما يجب كذلك على المستهلك أن يكون رحيماً ببطنه فالمعدة بيت الداء، فلا يشتري ما يحتاجه وما لا يحتاجه بغرض المباهاة والمفاخرة؛ لأن ما يفيض عن الحاجة سيكون عُرضة للتخزين وبعدها ربما يتعرض للتلف، كما يجب على المستهلك أن يحدد قائمة مشترياته قبل ذهابه للتسوق؛ مما يوفر عليه الوقت والجهد، وأن يسعى للذهاب مبكرا تجنبا للازدحام ومن الجميل أن يكون العين الثالثة للهيئة العامة لحماية المستهلك في الإبلاغ عن أية مخالفات يلاحظها، وأخيرا يجب على المستهلك أن يتذكر ويعمل بقوله تعالى: "وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ" (الأعراف:31).

--------------------------

أعزائي القرَّاء: تقبَّل الله صيامكم وقيامكم وصالحات أعمالكم، وكل عام وأنتم بخير، ولكم مني خالص الود والتقدير.

تعليق عبر الفيس بوك