ضيافة فكرية

 

 

يوسف عوض العازمي

 

"لماذا أكتب؟ ليس لأني أريد للناسِ أن يظنوني ذكيًّا، أو أنَّني كاتبٌ جيد.. أنا أكتب لأنني أريد أن أضع حدًّا لوحدتي"

(جونثان سافرن)

 

الكتابة هي ضيف مُرحَّب به دائما في ذهن الكاتب، عندما يتلقف فكرة ما يعتقد أنه بها اصطاد صيدا "ثمينا".. الفكرة قد تكون جديدة أو خارجة على المألوف، أو أية فكرة ذات قيمة يفهمها الكاتب ويثمنها، متاهات يعيشها الذهن قبل البداية الكتابية، أسئلة وتساؤلات وهواجس تشغل بال الكاتب، أهم هاجس هو: هل ما سأكتبه سيكون جيدا" ويستحقُّ الضيافة الفكرية لقارئ أول مرة يقرأ لي، أو قارئ يتابع ما أكتب وسيرحِّب بهذه الكتابة؟

الكتابة مسؤولية جسيمة؛ لأنها تنقل ما بقلبك وعقلك، وقبل ذلك فكرك وتفكيرك، وبالمناسبة حتى من يكتب على الجدران فإنَّه يحمل شعورَ كاتب صحفي (رغم أنفه!) أليست كتابته الجدارية للعرض على الناس؟

يتوه أحيانا الكاتب أمام فكرة ما، يريد لها صيغة مناسبة ولا يجد، الخوف ليس من مقص الرقيب، بل من احتمالية سوء الفهم؛ فالكلمة المكتوبة ليست رأسا يهتز، أو صوتا يصهل لينقل إيحاءات معينة، بل حتى الإيموجي الذي انتشر مع برامج التواصل الاجتماعي لا يملكها الكاتب؛ لذلك غالبا الكاتب يغير ويبطل في صيغة العبارة وتركيب الجملة ليضمن الحد الأدنى من الفهم من القارئ الذكي، تخيل لو كان يملك الكاتب أيقونات الإيموجي، هل تظن أن ذلك سيختصر جهد البحث عن صيغة مناسبة؟

على ذكر الكتابة، تذكرت الترجمة، بما أنني أنشر مقالات في جريدة ناطقة باللغة الإنجليزية، رغم أن معرفتي وإجادتي للإنجليزية ضعيفة جدا، فكُنت أحيانا احتاج ترجمة مقال أو نص معين من الإنجليزية للعربية أو العكس، وكنت أعاني الأمرِّين في الحصول على مترجم بسعر معقول، لكن الآن يا سلام على جوجل وترجمته، بل وصل الأمر أنه فقط بالمسح بكاميرا الجهاز النقال على أية قطعة مكتوبة بالإنجليزية فستتم ترجمتها بكفاءة معقولة، وما زلنا بانتظار إبداعات علمية أخرى، فعلم الاتصالات يتطوَّر بشكل سريع جدا.. في عصرنا السريع العاجل!

وتبقى الكتابة المتوازنة والكاتب المسؤول هما أهم أمر وأداة مهما تغيَّرت أدوات النقل للكتابة، سواء صحفا، كتبا، أو منشورات إلكترونية، فلولا القراءة ما كان الكاتب، ولولا الكاتب ما كانت الكتابة، وما يفرق هو شعور الكاتب (أي كاتب) بمسؤوليته أمام الله والقانون والقارئ.

تعليق عبر الفيس بوك