المفسدون كثر

 

محمد المسروري

 حسب البعض أنّ المفسدين والفاسدين في الأرض، المرتشون وحدهم بسبب الراشين والمرتشين والوسطاء بين طائفتي الرشا، هكذا الفهم لدى العامة وهذا أمر واقع وحقيقي، في أعلى المستويات الى أدناها في جميع بلدان العالم دون استثناء، ولسنا وحدنا في هذه الأرض صنفا مميزاً من هذه الآفة التي تلقتها وتناولتها ضمائر ضعيفة الإيمان بالله، وأحكام أنزلها على خلقه بغية صلاح حالهم، فالشياطين  مبثوثون بين جنباتنا شئنا أم أبينا، بين جن وإنس، وضعاف النفوس أمام بهرجة الدنيا وصفرة المال وحضوره وتوهجه، بيننا كثر،  وما يفعله سفهاء الأغنياء وذرياتهم في طرقات العامة شاهد على غرور بلغوه، وحال تبنوه وهم لايعلمون أنّهم لا يبهرون المجتمع بحال هم عليه، ولكنهم لجهلم وذرياتهم يشهدون الله والناس على وضع بلغوه من فساد الخلق والأخلاق.

ولكن أهم فقط هؤلاء هم المفسدون في بلادنا؟!! فماذا عن العامل الذي يصر على تلقي راتبه كاملا غير منقوص وهو لايؤدي واجبه في وظيفته أكثر من ساعة من الزمان والعقد مع صاحب العمل موقع عليه بينهما بأن يعمل لثماني ساعات وفق قانون العمل، هل هذا يمكن تصنيفه بالأمين المخلص أم الفاسد؟

الموظف في المؤسسات الحكومية، يبدأ العمل في السابعة والنصف صباحًا وفي التاسعة أو قبلها هو خارج وظيفته والمكتب موصدة أبوابه فيعود بعد الثانية ظهرًا ليؤكد انصرافه المنصرف منه أصلا ماذا نقول لهذا الفعل ومصالح المجتمع معطلة بسببه؟ شلة أخرى اتخذت من الدين والتدين ستارة ووسيلة لترك الواجب الوظيفي فما إن تأتي الثانية عشرة ظهرا حتى تراهم يشحثون أردان ملابسهم من مكاتبهم ويمسحون لحاء خادعة ليشعروا العملاء الذين لا حول لهم ولا قوة أمام هذا المراء أنهم ذاهبون لصلاة الظهر، وما إن تنقضي الصلاة حتى يعودوا إلى بيوتهم، هل هؤلاء مصلحون حقا أم أخذ الفساد عقولهم ونخر فيها حتى تمكن منها؟!!

 أشباه الكتاب ومدّعي الكتابة الذين همهم تزويق صورهم باستغلال وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي الإلكتروني وهم يقولون ما لا يؤمنون به؛ بل ويطبقون أفعالا تضاد أقوالهم بافعالهم اليومية، منشغلون بالسب والقذف زورا وبهتانا، إلى أين الفساد بلغ بهؤلاء.. أم أنهم مصلحون كما زعموا في عيون بعضهم بعضا؟!!

كل هؤلاء في الواقع حرب على الوطن ويجب مواجهتهم بحقيقة فساد ما هم عليه من فكر سقيم وسرقة رأي الوطن والمواطن، ضمور الفكر والجذر علاقته بالثقافة كما علم منها.

 إذًا هذه واحدة أخرى من عيون الفساد بل لعلها أكبر شاهد على فساد خلقهم وأخلاق تبنوها وعملوا بها؛ وهم يعلمون مقدار ضررها على المجتمع في يومهم وليلتهم، أئمة المساجد الذين يتقاضون رواتب مقابل إمامة المسلمين في مساجد ائتمنوا عليها ولكنهم غائبون عن تلك المهمة تارة لأداء دراسات، وتارة أخرى أنّهم خرجوا مع جماعة الدعوة لأشهر فلم يؤدوا واجب الصلاة في مساجد ائتمنوا عليها واستلموا رواتب شهرية باعتبارهم أئمة للمساجد تلك، ماذا نسمي هؤلاء؟ بأي تسمية تشينهم أمام رب السماوات والأرض، إذًا ليست سرقة المال العام من خلال الرشا وحدها فسادا، ووكلاء المساجد وآخرون يلتقمون اللقمة من فم الأيتام ليبنوا لأنفسهم أمجادا من تلكم الأموال، وزعماء قبائل صغيرة كالذرّة، ولكنّهم يعيشون كما الأول على الرشوة للتصديق على شهادات كاذبة مقابل المال، فهل نصَفَ هؤلاء بالشرفاء؟

إذًا للفساد في البلاد أوجه عدة أشرت إلى شيء منها، وتجاوزت خلقا عن كثير، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا إنّك أنت السميع البصير.