معًا للنهوض بالقطاع الخاص

فايزة الكلبانية

 

لم يعد هناك وقت أنسب من الآن كي تتضافر الجهود وتتحد بشكل عملي حقيقي لنعمل معا من أجل النهوض بالقطاع الخاص، قد يكون الجميع وصل إلى قناعة حقيقية بأنّ الأوضاع لدى المؤسسات الحكومية تشير إلى أنّها غير قادرة على استيعاب أعداد جديدة من الباحثين عن عمل، رغم ما يقوم به القطاع العسكري من جهود لاستيعاب بعض من الباحثين عن عمل في المرحلة الحالية، إلا أنه في ظل تزايد أعداد الباحثين عن عمل، ينبغي على جميع الجهات المختصة والمسؤولين النظر وبأسرع وقت ممكن لإيجاد البدائل، وفي المقدمة القطاع الخاص الذي بإمكانه القيام بالكثير في هذا المجال، شريطة أن تتوافر له البيئة المحفزة لنمو الأعمال بعيدا عن التعقيدات الإدارية والبيروقراطية.

هناك الكثير من الخطط والاستراتيجيات التي تدعم نمو عملية التوظيف لكنها تعاني من بطء التنفيذ، وبحاجة إلى السرعة في اتخاذ ما يلزم لإنجازها، وثمة آمال كبيرة معلقة على المركز الوطني للتشغيل لإيجاد الحلول والبدء في تنفيذها وتسريع وتيرة الإنجاز، لكون المرحلة الحالية لا تتحمل المزيد من الانتظار مع تزايد أعداد الباحثين عن عمل. لقد وُضعت الآمال سابقا على برنامج "تنفيذ"، لكن ورغم أنّ الحلول ممكنة ومتوفرة، لكنها اصطدمت بالعراقيل الإدارية والبطء الشديد في التطبيق، ولا نبالغ إن قلنا أنّهم حتى اللحظة لم يتمكنوا من الوصول لحل جذري لهذه الأزمة، فالحراك اليوم بحاجة إلى حراك آخر، ولكنّه يجب أن يكون حراكا جريئا وشجاعا، يصاحبه تقديم الحكومة للتسهيلات المنتظرة للقطاع الخاص وتذليل أية معوقات تعرقل نمو بيئة الأعمال في القطاع الخاص المثقلة بالإجراءات البيروقراطية، حيث نعول جميعا على هذا القطاع لتنفيذ الخطط المستقبلية.

واستلهاما من النطق السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- حفظه الله ورعاه- بأن القطاع الخاص هو الحل الأمثل لاستيعاب المزيد من الشباب العماني، فإنّ كل ما نتمناه أن توفر الحكومة البيئة المُحفزة وتخفف من البيروقراطية والكثير من العراقيل لتكون بيئة الأعمال بيئة صحية وعملية بعيدة عن العقد والعراقيل والبطء في الإجراءات وهذا هو الحل الأمثل.

إنّ بلادنا تملك الكثير من المقومات ومن المحزن أن نرى هذا الانكماش في سوق العمل العماني، والتراجع في إيجاد استثمارات حقيقية قادرة على المساهمة في رفع الناتج المحلي الإجمالي وخلق فرص عمل غير تقليدية، بدلا من أن نقتصر التنمية على مشاريع عقارية محدودة العوائد، وذلك بسبب البيروقراطية وعدم تنظيم بيئة العمل وتحديث القوانين التي عفا عليها الدهر، فتغيّرت كل الأحوال، بينما قوانين العمل والاستثمار تأبى أن تتجدد.

اليوم لابد من استراتيجية واضحة لتحفيز القطاع الخاص وخلق بيئة عملية سريعة في الأداء والجودة لتواكب معطيات المرحلة الحالية، فقد حان الوقت لإيجاد وسيلة تفاهم تجمع الجهات المعنية لأجل تحقيق الصالح العام، ونحرص على أنّ المعاملات التي يستغرق إنجازها ثلاثة وأربعة أشهر أن تنجز في يوم أو يومين، أو حتى ساعات، لنستطيع أن ننتج ونستثمر ونوظف ونعيش في حال أفضل، وبيئة أعمال جاذبة.

إننا ننتظر مبادرة حكومية عاجلة لتبسيط الإجراءات ومنح القطاع الخاص مساحة أكبر من التحرك في الأنشطة الاقتصادية، حتى يتحقق مفهوم "التمكين" الذي لطالما تحدثنا عنه.