كيف تصبحين ملكة جمال

 

جمال النوفلي

 

أن تشارك فتاة عُمانية جميلة في مسابقة ملكة جمال العرب لهو أمر في غاية الغرابة وهو أمر أيضًا في غاية الأهمية وفي غاية الروعة، طبعاً ليست الغرابة ناجمة من كون الفائزة هي عُمانية فهذا شيء طبيعي لمعرفتنا بجمال نسائنا وحسن أخلاقهن وعلو ثقافتهن، ولكن الغرابة في المشاركة نفسها، فحتى وقت قريب لم يكن يتصور أن تُشارك الفتاة العمانية في هذا النوع من المسابقات التي يجهلها الكثيرون ويرون أنَّها تتصادم مع عاداتهم وتقاليدهم السائدة ويحاولون بكل السبل والطرق الممكنة منعها ومحاربتها وهو ما حصل فعلاً مع إحدى المتسابقات العمانيات السابقات في هذه المسابقة والتي أصبحت اليوم أيقونة مشهورة محليًا وخليجيًا في عالم الموضة والأناقة والسياحة وفي وسائل التواصل الاجتماعي، على الرغم من اختلافنا معها في أسلوب حياتها، وعلى الرغم من أننا لا نرى فيها وفي غيرها من المتسابقات ما يميزهن عن بقية الفتيات من الناحية الجمالية، الأمر الذي يثير استغرابي كما يثير استغراب سائر القراء والمتابعين.

فكيف وافقت إدارة المسابقة على إدخالهن أصلاً؟ وعلى أي أساس يعتبرن ملكات جمال بينما نحن لا نراهن إلا فتيات عمانيات عاديات كسائر العمانيات؟ هل معايير الجمال لدى لجنة هذه المسابقة تختلف عن معايير الجمال لدينا؟

وحتى أجيب على هذه الأسئلة عليّ أولاً أن أنوه بأن الجمال في حقيقته نسبي أي أن معاييره تختلف من شخص إلى آخر ومن منطقة إلى أخرى ومن ثقافة إلى أخرى، وهذه حكمة ربانية، فالناس والأشياء سواسية من حيث الشكل الخارجي، وإنما انطباعنا عنها يختلف من شخص إلى آخر، بحسب بيئتنا الخاصة وتكويننا الداخلي الثقافي الذي يضع في لاوعينا معايير نسبية وهمية للجمال فتصور في مخيلتنا أن شخصًا ما جميل وأن آخر غير ذلك.

وعلى هذا الأساس الإنساني يتم تقييم المشاركات في هذه المنافسة فلا يتم الحكم عليهن من خلال خدر وجوههن ورشاقة أجسامهن فقط وإنما تتم العملية وفق معايير صارمة وشروط دقيقة واضحة وموضوعية قدر الإمكان، وهناك مراحل تنافسية يتم فرز المتسابقات من خلالها والحكم عليهن بموجب أدائهن فيها، ففي بداية الأمر يتم تشكيل لجنة مختصة لفرز واختيار الفتيات المناسبات لدخول المسابقة وفقاً للأساسيات التي ذكرتها، فمثلا يشترط ألا يكون في الفتاة أي عيب جسدي قد يُؤثر على معايير الجمال النهائية، كما يتم التأكد من أمر مهم هو أنَّ المتسابقة تملك الشخصية القوية والجريئة التي تؤهلها لأن تنافس في هذه المسابقة فلا مكان لمهزوزات الشخصية وغير الواثقات من أنفسهن، ثم بعد ذلك يأتي تقييم الصحة والأمور الجسدية التي يراعى فيها الرشاقة والتناسق والصحة، ثم يطلب من المتسابقات أن يظهرن بملابس مخصصة للسهر يخترنها بعناية تامة ليتم من خلال تلك السهرة تقييم أذواقهن وطلتهن ودخولهن وأناقتهن وأسلوب حديثهن مع الآخرين وطريقة تناولهن للطعام والأشياء الأخرى، ثم تأتي مرحلة المقابلة وفيها يتم التحاور مع المتسابقة ومناقشتها ليتم تقييم درجة وعيها وثقافتها ومدى قدرتها على التحدث بطلاقة وذكاء ومدى تمكنها من عرض وإيصال وجهة نظرها للآخر، وفي جميع هذه المراحل يتم وضع نقاط من قبل المحكمين لكل متسابقة يتم خلالها فرز المتسابقات وتقليص عددهن من العشرات إلى عشر متسابقات فقط ليصلن إلى المرحلة الثانية التي فيها يتم تقييم مواهب المتسابقات سواء كانت الموهبة غناء أو عزفا أو رقصا أو غير ذلك مما يبدعن فيه ويبهر اللجنة، وفي هذه المرحلة يتم استبعاد باقي المتنافسات ليبقى لديهم ثلاث متسابقات فقط يستحققن نيل لقب ملكة جمال، طبعًا لا يُمكن أن يكن جميعاً ملكات لهذا يتم الحسم فيما بينهن في نهاية المسابقة ليتم الإعلان عن واحدة منهن كملكة الجمال، أما الأخريات فينلن على التوالي لقب الوصيفة الأولى للملكة والوصيفة الثانية.

جدير بالذكر أنَّ الفائزة باللقب تحصد جوائز ثمينة جدا وتتوج بتاج مرصع بالذهب، والأكثر والأهم من كل ذلك أنها تبقى مشهورة وأيقونة يتسابق إلى نشر أخبارها وصورها في الصفحات الأولى من الصحف والمجلات المختصة والإعلام.