المعتصم البوسعيدي
تحت ظلِ "سمرةً" لا زالت تحنُ لجُلاسِها الذين افترقوا، إما فوق الثرى لحياةٍ يُسابِقونها وتُسابِقهُم، وإما تحت الثرى بغيابٍ أبدي يُوجع الذكرى، أقول تحت ظلِ "السمرةِ" انبثقت الفكرةَ من أرواحٍ تعشقُ التحدي وتعي قُدرات فريقها، كان ذلك قبل عشرين عاماً ونيف، حين قال أحدهم: هنا.. تحت تلة الجبلِ نبني منصة الميدان، فكان الرد عرقٌ لا يوازيه إلا الوجُوه المُغبرةِ، والأيادي التي تنحت الصخر، وقلوبٌ توحدت بالمحبة وتآلفت بالود وتسامت بالأوطان؛ وطنٌ القرية والفريق، وطنٌ النيابة والولاية، ووطن العطاء الكبير عُمان، لم يقف العمل عند الشباب الطموح، فتمازجت كُل الفئات تسعى خلف تحقيق النجاح، كهلٌ يُسابق الريح، وطفلٌ يجري على الماء، ونساءٌ يشدُدنَ العضد ويُقدمنَ السند، ثم تسمو الهمم؛ بطلةِ البهاء الأزهر من حفيدي الوالي الأكبر، ذاك الذي قبل قرن من الزمانِ أجرى ــ بفضل الله ــ الفلج وبنى القلعة حارسة المكان الأخضر. السادة النُجباء على مرمى الهدف يضعون النقاط على الحروف، وينسجون بفيض عطائهم بساتين الثمار القطوف، فتعلو أصوات البنادق فخراً بالبدايات، ويرتد صدى "جبل أبو قلع" رواياً عن أجملِ البدايات قبل أسبوع من الآنِ أختتمَ فريق الأخضر بولايةِ المضيبي مسابقتهِ الثامنةِ للرمايةِ بالأسلحةِ التقليدية على مستوى السلطنة، والتي أقامها على مدارِ يومين (6-5) إبريل الجاري، رمايةٌ لم تكُن وليدة اللحظة، ولا حبيسة فعالية تقام فتُنسى، رمايةٌ تحملُ طلقات متقنة على أهدافٍ سامية؛ ليس أولها إحياء الموروث الشعبي والإسلامي وليس آخرها ممارسة رياضة تقليديةً قد تقود لرياضةٍ أولمبية، علاوةً على لعبِ دور الفريق الأهلي داخل منظومة المجتمع؛ حيث تسود روح المحبة وتترجم مضامين العمل الجماعي، وتلمع بوارق الإبداع من شبابٍ موهوب ترتكز عليه قوائم الدول والأمم
لقد دأبَ فريق الأخضر على رسمِ الصورةِ الأرقى في تنظيمِ المحافل، وما الثناءُ الكبير الذي يحصدهُ ــ من الغير ــ إلا دليلٌ على ذلك، وأن تنجح فهذا احتمالٌ وارد جداً ويحصل في كُلِ مكان، لكن أن تظل مُحافِظاً على نجاحِك وفي مختلفِ الفعاليات فذاك ينمُ عن فكرٍ مُتقد وجُهدٍ مُستمِر وحقيقةَ أنَّ الفرق الرياضية ليست رياضية فقط؛ بل إنها سبيل لرُقي المُجتمعات وازدياد وعيها وإكساب فراغ الوقت إنجازاً وحصاد في رمايةِ الأخضر شاهدتُ رئيس الفريق كأنهُ طفلٌ يعشق المُضغة الأولى، يفترشَ تُراب الأرض ليبني قصراً منيفاً، شاهدتُ عملا مُتقنا وتفانيا كبيرا، ووجوهاً من سنينٍ مضت عادت للطريق، شاهدت شريط الراحلين رحمهم الله جميعاً.. العم "علي" وصوته الواثق الهادئ، ونظرة المجد من عيني "ابن مهنا"، وسلاح الفخر من بندقية "حمود" التي نسمع دويها حتى اليوم، وسحر البشاشة من طلة الآسر "حمد"، "وإخوة ثلاثة" رسموا آيات الفرح وتركوا المكان، "وعبد العزيز" الفتى المتعصب الذي لم يسعفه الزمان، في رماية الأخضر شكرٌ وتقدير وامتنان، وطلقات متقنة سجلها أبناء الأخضر من حكاية كان ياما كان، وللحكايةِ بقية، سنرويها بشغف.. ومعاً نُكمل المسيرة.