"الكأس الكونية".. ما بين الواقع والحلم

 

أحمد السلماني

أثارت زيارة رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم إيفانتينيو للسلطنة قبل أقل من أسبوعين ردود فعل متباينة بعد أن تم الكشف عن أن حضور الرجل الأول في أكبر وأقوى "كيان أممي" في العالم كان بمثابة جس نبض لمدى رغبة وقدرة العمانيين وجاهزية بلدهم لاستضافة مجموعة أو اثنتين من مجموعات كأس العالم "2022" ولست هنا بوارد طرح سيناريو الأحداث فهذه الكل يعرفها.

على كل حال لا أحد يعلم أو يدرك حقيقة ما دار ويدور هنا في كواليس قاعات "صناع القرار" على أهميته، فقرار مثل هذا "له ما بعده" بل هو مفصلي جدا في توجيه بوصلة كل شيء خاصة فيما يتعلق بالجوانب الرياضية والاقتصادية بالبلاد والآثار المترتبة على إعلان اشتراك السلطنة والكويت في تنظيم الحدث العالمي الأبرز مع الشقيقة قطر، وعندما يتعلق الأمر بشرف تنظيم كأس العالم فهذا يعني انتعاشة واسعة وكبيرة لكافة القطاعات بالسلطنة والمنطقة بأسرها والأكيد أنّ ما قبل القرار ليس كما بعده بالنسبة للوضع الاقتصادي والرياضي بالسلطنة.

وطالعتنا وسائل الإعلام مساء الجمعة الفائت بنبأ اجتماع "الفيفا" بميامي والذي حمل شبه إجماع على توسيع عدد الفرق المشاركة على أن يتم حسم قرار وطرح الدول التي ستشارك مع قطر في التنظيم في يونيو المقبل، وإلى هنا أنا لم آتي بجديد ولكن ما أثار دهشتي حقيقة الاهتمام العالي والواسع من الشريحة المجتمعية الرياضية وغير رياضية هنا بالسلطنة، إذ وعلى مدى الأيام الفائتة لا حديث يعلوا هنا فوق الحديث عن إمكانية أن تستضيف السلطنة جزءا من مباريات "الكأس الكونية"، في المجالس أو الفضاء الإلكتروني الكل يمني النفس بأن يتم ذلك وأن يتحقق الحلم ويصير واقعا على أرض السلطنة؛ حيث إنّه وعلى مدى تاريخ كأس العالم لطالما كانت هذه "البطولة" مطمح شعوب العالم، تتنافس على استضافتها الدول وتتقدم بقرابين ملفاتها بل وتسوء العلاقات فيما بينها لمجرد أنّ دولة ما تمكنت من الحصول على حق استضافة "أقوى البطولات الكروية العالمية".

ونحن هنا في السلطنة لم نسع لها بل هي من جاءت تهرول إلينا "باردة مبردة" على قول العمانيين، والحق أننا نمتلك من الإمكانيات البشرية والبنية التحتية ما يؤهلنا لذلك من حيث الهيكلة الإدارية والخبرات التنظيمية ودور السكن بمختلف الأنواع والطرق والأسواق فضلا عمّا تتمتع به السلطنة من تنوع جغرافي واسع وتنوع مناخي وإن أرادوها في الصيف وفي عز القيظ فنحن لها دون غيرنا بالمنطقة وهذا من فضل الله على هذه البلاد، ويذكر التاريخ أنّ زلزالا ضرب تشيلي قبل اتخاذ قرار تنظيمها لكأس العالم 1962 وترجل يومها رئيس اتحاد الكرة بها وقال "لم يبقِ لنا الزلزال شيئا في تشيلي سوى كأس العالم فاتركوه لنا" فسحبت الأرجنتين ملفها ونظمت تشيلي الحدث ونجحت.

نعم نحن لا نمتلك ملاعب كرة قدم وفق شروط "الفيفا" وهنا أذكر أحد كبار مسؤولي الدولة حين سئل عن تشييد استاد رياضي كروي بمواصفات قياسية عالمية أجاب" لماذا طالما أنّه لبطولة تأتينا مرة كل 12 عامًا"، رؤية ضيقة أفرزت لنا هذا الحال ولكن إن أرادها مقام مولاي المُفدى -حفظه الله ورعاه- وحكومته وأرادها معه الشعب العماني فما بين سنة وضحى غيرها سيراه العالم مستقرًا في مكانه.