أبطال الوهم والورق في رياضتنا

 

أحمد السلماني

حالة من النشوة والزهو تتملك العماني عندما يشاهد منصة تتويج بطولة كبرى؛ وقد ارتقى عليها أحد أبطال السلطنة متوشحا بشعار السلطنة، محلقا عاليا بالكأس أو متقلدا ميدالية سيسطرها التاريخ الرياضي بأحرف من نور؛ في مشهد تنقله مختلف وسائل الإعلام وتراه بأم عينيك، هنا فقط لا مجال للتشكيك في أحقية هذا البطل بالإطراء والعناوين الرنانة في صدر الصفحات والتقارير الإخبارية.

إلا إنّه من المؤسف حقيقة أن يتصدر رياضي معروف العناوين والتقارير الإخبارية المحلية عن مشاركته في بطولة ما وخاصة أنّها عالمية وتحظى بتغطية وزخم إعلامي غير عادي وفي حقيقة الأمر أنّه بالكاد تمكن من إنهاء البطولة ضمن المتنافسين، ولكن يحدث هنا في عمان أن يحمل هذا البطل الوهمي معه أحد مقاولي الإعلام المتخصصين في فبركة الأخبار وخلق وابتكار الأعذار ومع ذلك لم تخلو وسيلة إعلامية في السلطنة من أخباره رغم أنّ وسائل الإعلام بالبلد المستضيف للحدث العالمي خلت تقاريرها من اسم بطلنا إلا من واحد وهي تكريمه ضمن بقية المتنافسين.

هنا نقول لبطلنا ومن في حكمه إننا نؤمن بقدراتكم وإمكانياتكم كما وندرك مدى الصعوبات والمعضلات والتكاليف الباهظة للمشاركة في هكذا رياضات وبطولات، كما وأنّ الفوز والخسارة وجهان لعملة واحدة وأمرهما وارد.

نعم نتطلع للمنافسة وحصد البطولات والألقاب والاحتفال بها ولكن يجب أن تكون بطولات حقيقية وليست وهمية، فالأخيرة لا بد لها وأن تظهر حقائقها وهنا نخشى على رياضيينا من أن تتلطخ صفحاتهم الناصعة بالنقاط السوداء وأن يتعرى مشوارهم يوما.

ولمقاولي الإعلام أقول: اتقوا الله والوطن فيما تكتبونه وتطرحونه في وسائل الإعلام والأخيرة تتحمل جزءا مهما من المشكلة من حيث ضرورة تحري الخبر ومصداقيته وهو المعهود عنها، وأن تضع ثقتها فيمن تتوسم فيه المصداقية، وللإعلامي أن يعرف أنّ قلمه أمانة وإن كان لا يعرف كيف يوجهه يكفي أن يتباهى به معلقا على دشداشته وليتركه يبكي من تحرقه غيظا على "صار" أو حزنا على "كان".

إنّ من واجب الإعلام أن يبرز المناشط والمسابقات والبطولات والأبطال ولكن ينقلها كما هي وفق حقائقها وبما يدعم نجاحها وتفوق الرياضيين بتحفيزهم وتشجيعهم والتحلي بـ"المهنية الصحفية" التي نرتعد عندما نكتبها خشية أن نتجنى عليها وما أكثر من تلبسها وتجنى عليها.

مؤسسات وكيانات مختلفة معنية بهذه القضية عليها مسؤولية تبني بث الوعي لدى المشتغلين بالصحافة والإعلام وتكثيف الدورات التدريبية التي تمكن الإعلامي من أداء رسالته بكل مسؤولية وأمانة ومهنية.