أبحث عن إنسان ذلك المجهول

 

د. عبدالله بن سليمان المفرجي

دكتوراة قانون، وباحث ماجستير التربية تخصص تكنولوجيا التعليم

 

في تاريخ الفلسفة اليونانية ومنذ 25 قرنا اعتادت مدينة أثينا على رؤية رجل حافي القدمين عاريا إلا قليلا وفي يده مصباح في وضح النهار.. لماذا؟! كان يقول: "إنني أبحث عن إنسان!".

ولم أجد الإنسان إلا ابن سعيه فمن كان أسعى كان بالمجد أجدرا

‍‍‌‏وبالهمة العلياء يرقى إلى العلى فمن كان أعلى همة كـان أظهرا

ولم يتأخر مَن أراد تقدّما ولم يتقدم من أراد تأخرا..

العلم ليس معارف ومعلومات تختزن في الأدمغة ثم لا تجد لها صدى ولا سلوكا في الواقع المعيش، وكم هم العلماء والمتعلمون في أصقاع العالم المترامي الأطراف؟ .

الإنسان الحق هو:

  • من يعلم ويعمل. "وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ(3)".
  • من يحترم الآخرين ويقدرهم ويحفظ حقوقهم ولا يبخسهم أشياءهم "وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ".

- حسن الخلق لين الجانب يتعامل مع البشر بما يحب أن يتعاملوا معه. يقول نبينا الكريم صلوات الله عليه: "البِر حسن الخلق" رواه مسلم. وقَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ [متفق عليه].

- الإنسان ذلك الذي:" أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وأحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سُرُورٌ يدْخِلُهُ على مسلمٍ، أوْ يكْشِفُ عنهُ كُرْبةً، أوْ يقْضِي عنهُ دَيْنًا، أوْ تَطْرُدُ عنهُ جُوعًا... ".  وقال صلى الله عليه وسلم: "لا تحقرّنَ من المعروف شيئاً ولو تُفرغ من دلوك في إناء المستسقي، ولو أن تكلمَ أخاكَ ووجهكَ إليهِ مُنبسط... ".

- قال بعض الحكماء: "إذا قصرت يدك عن المكافأة فليصل لسانك بالشكر"، ولن يبقى للإنسان إلاّ ما قدَّم، إن خيراً فخير وإن شراً فشر. فالبساطة في التعامل جمال فريد، والقناعة بما لديك كنز ثمين، وكلها صفات تكسبك محبة الآخرين.

وتذكر أيّها الكائن المجهول: أنّ في صراع الماء مع الصخر، بمرور الوقت يفوز الماء، لذلك فالسقوط في خندق يجعلك حكيما، وكما إنّ العقل المقفل مثل الكتاب المغلق، ما هو إلا مجرد كتلة من الخشب، فغير عالمك وجدد مواهبك وطور قدراتك، فالحجر الكريم بلا فائدة حتى تصقله طوراق الأيام، ونوائب الدهر، ومشاق الحياة ومصاعبها، ففي كل مصيبة فرصة ذهبية للحصول على المنح والمكاسب والمفاتيح للأبواب المؤصدة.

أيها المجهول: افسح المجال لأيّة فكرة أن تولد وتنمو وتكبر ما دامت تسير في الإتجاه الصحيح، وما دام لم يتم القطع بعد بخطئها أو فشلها، فكثير من المحتملات تبدلت إلى حقائق، وتحولت إلى احتمالات النجاح، فالابتكار قائم على الإبداع وتخطي المألوف. فالتفكير خارج الصندوق، والتغريد خارج السرب هو المخرج لك أيها المجهول.

تعليق عبر الفيس بوك