طالب المقبالي
تعد قلعة الرستاق قبلة الزائرين الأولى في ولاية الرستاق وعنواناً تاريخاً يواكب مكانة الرستاق التاريخية والحضارية إلى جانب حصن الحزم وعين الكسفة والعديد من القلاع والحصون والأبراج في الولاية.
فالزائر للرستاق وبعد الدخول من بوابتها الحديثة تتراءى له القلعة الشامخة من بعيد وهي شامخة بمكانتها عبر الأزمان، هذه القلعة شهدت تقلبات وتغييرات في مكوناتها الإنشائية.
فمن بين التغييرات إضافة مرافق مهمة أعطتها جمالية وزادت من هيبتها، كإضافة برج مهم من أبراجها وهو ما يعرف باسم "برج الريح" الذي بني في عهد اليعاربة، ثم "البرج الحديث" والذي بنته الأسرة البوسعيدية.
كما طرأت على القلعة تغييرات في سورها الخارجي المحيط بها في عهد الإمام الخليلي، حيث تم استحداث برجين من الجهة الجنوبية مقابل "طوي المخرج" ومصلى العيد، كما تم في الوقت نفسه تحويل السور إلى الداخل وإبراز الأبراج إلى الخارج كما هي عليه الآن.
وقد شهدت القلعة عدة ترميمات في القرن التاسع عشر، أولها في عهد السلطان سعيد بن تيمور- طيب الله ثراه-، والترميمين الثاني والثالث في عهد حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم- أبقاه الله.
الثاني من عام 1984 إلى عام 1986 والثالث من عام 2010 إلى 2012، ومن المؤسف أن القلعة فقدت أجزاءً هامة من مكوناتها التي تشكل فيسفسائية تكويناتها ومعالمها.
فقد كانت هناك مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم بجوار جامع البياضة في المكان الذي بُنيت فيه المظلة التي أنشئت أمام جامع البياضة للمصلين.
كما أن الفناء الخارجي للقلعة كان يضم بيوتاً قديمة وكانت تعرف بحلة الحوش أو حارة الحوش، وكانت جزأين أحدهما في جهة الغرب ويسكنه العاملين بالقلعة، منهم حراس الصباح العالي والذي يعرف باسم صباح العلعال، والجزء الشرقي من الحارة يسكنه حراس صباح الشرجة عند المدخل الأول للقلعة.
والمؤسف أنَّ هذه البيوت أزيلت نهائياً مع مدرسة تحفيظ القرآن الكريم خلال الترميمين الأخيرين.
وتضم القلعة أيضاً جامع البياضة الذي بني في القرن السادس الهجري، الثاني عشر الميلادي، ويعتبر جامع البياضة منارة دينية ومدرسة جامعة عُرفت باسم المدرسة الرستاقية، وقد خرَّجت العديد من العلماء والقضاة ورجال الدين.
وقد شيدت قبل سنوات أمام الجامع مظلة تستوعب أعداداً من المصلين الذين لم يتسع لهم جامع البياضة عند صلاة الجمعة، إلا أن هذه المظلة للأسف آيلة للسقوط وموثقة بالسلاسل منعاً من سقوطها على رؤوس المصلين.
كما أنشئ مؤخراً مسرح مفتوح بفناء القلعة في نفس المكان الذي كانت فيه البيوت من الجهة الشرقية، ويعتبر المسرح إضافة ثقافية جميلة لهذا المكان.
وبالعودة إلى عنوان المقال فإنَّ قلعة الرستاق تُعاني منذ الترميم الأخير الذي انتهى عام 2012 من عدم وجود الكهرباء، فهي تعيش في عتمة دائمة، وبما أن بعض ممرات القلعة مظلمة يضطر الزوار لإنارة المكان بمصابيح هواتفهم في مشهد لا يليق ومكانة هذه القلعة، بمعنى أنَّ القلعة بلا كهرباء منذ سبع سنوات. وقد نما إلى علمي أن وزارة التراث والثقافة تكفلت بأعمال الترميم، فيما تكفلت وزارة السياحية بأمور الكهرباء، وعلمت أيضاً أن فريقاً من الفنيين قام بعدة زيارات للقلعة من أجل حل هذه المعضلة، وإلى الآن ما زالت المشكلة قائمة.
فالزائر للقلعة يلاحظ تلك الأسلاك الممدودة في أرجاء القلعة بصورة عشوائية وغير منظمة، بمعنى أن هناك تهاوناً من قبل الشركة التي قامت بأعمال الكهرباء عند الترميم الأخير.
وأذكر قبل ثلاث سنوات أو أكثر أضيئت القلعة وسارعنا كمصورين لالتقاط الصور لذلك المنظر المهيب، إلا أن هذا الحدث لم يدم سوى ليلتين فقط، ومنذ ذلك الوقت والقلعة مظلمة، فكلما حاول المرشدون السياحيون والعاملون بالقلعة تشغيل الإنارة تنطفئ الكهرباء بالكامل مما يدل على وجود خلل في التوصيلات.
ومن هنا أناشد وزارة التراث والثقافة ووزارة السياحة إيجاد حل سريع لهذه المشكلة، كما أناشدهما فتح غرفة الإمام المُغلقة منذ سنين وإخراج المقتنيات الأثرية المحبوسة في تلك الغرفة ووضعها في الغرف المخصص لسكن الإمام في صورة متحف كي يستفيد منها الزوار والباحثون.
ونظراً لكون القلعة تستقطب الزوار من داخل وخارج السلطنة فإنَّ جميع الزوار يسجلون الحدث بكاميراتهم، إلا أن المنظر الخارجي العام للقلعة تعترضه أسلاك الضغط العالي للكهرباء مما يشوه صورة المنظر.
ففي عام 2016 طرحت الموضوع على أحد المهندسين المسؤولين في شركة كهرباء مزون وكان ذلك على هامش أحد الاجتماعات بمكتب والي الرستاق، فأيد الفكرة ووعد بإزالة الأعمدة والأسلاك.
ومن هنا أقدم الشكر للمهندس فهد العبري شخصياً ولشركة كهرباء مزون على الوفاء بوعدهم، حيث يجري العمل هذه الأيام لتحويل خطوط الكهرباء إلى خط أرضي حسب تأكيد المهندس، وقد وقفت بنفسي على الأعمال الأولى للمشروع ببناء مجمع الكهرباء في منطقة الهاشمية ومن ثم الانتقال للمرحلة التالية من أعمال الحفريات وإزالة الأعمدة والأسلاك.
ومن هنا أيضاً انتهز الفرصة لأزف البشرى للمصورين بأنَّ تصوير القلعة سيكون رائعاً بعد اكتمال المشروع، ولن نحتاج بعد اليوم إلى إزالة الأعمدة والأسلاك ببرنامج الفوتوشوب.