حُلم مصافحة جلالة السلطان

طالب المقبالي

 

أتذكر تلك اللحظات التاريخية الخالدة التي وصلنا فيها نبأ تولي مولاي حضرة صاحب الجلالة السُّلطان قابوس بن سعيد المُعظم- حفظه الله ورعاه- مقاليد الحكم في البلاد عام 1970، كنت حينها صبياً يافعاً لم أبلغ العاشرة من العمر، ومنذ ذلك اليوم والحلم يراودني أن أحظى بمُصافحة جلالته.

لقد تعلقت بحب جلالته وينتابني شعور بأنَّ حلم المصافحة بات قريباً، ومن شدة اللهفة لهذا اللقاء كنت كل يوم أحلم في المنام أنني التقيت بجلالته وصافحته، فعندما تأتي أمي رحمها الله لإيقاظي لصلاة الفجر، أنتبه إلى أنَّ كل ما رأيته في المنام لم يكن سوى أضغاث أحلام، فيُصيبني الحزن المفعم بالأمل.

كبرتُ وكبرت معي الأحلام بأن التقي جلالته يوماً ما، وفي مكان ما، وتحول دور الإيقاظ من الأم إلى الزوجة، والسيناريو يتكرر، فأصبحت الزوجة هي من تقطع أحلامي الوردية.

لقد تعمق حب جلالة السلطان في نفوس الجيل الذي شهد حقبتين من الزمن، حقبة عصيبة وذكريات مُؤلمة في حالة من ضنك العيش وقساوة الطبيعة، لا كهرباء، لا ماء، لا طرق، لا مواصلات، لا وسائل اتصال، لا بيوت مُريحة، ولا حتى دورات مياه في البيوت، كما هو الحال الآن.

ولذا أهمس في أذن جيل النهضة الذين ولدوا ووجدوا الرخاء والنعيم من حولهم، إنكم محظوظون، ولكن مهما أحببتم جلالة السلطان- أيده الله- ومهما أخلصتم في حبكم له، فإنَّ حبنا له حباً مختلفا، حب من نوع آخر، حبٌ يدرك الفارق بين ما قبل 23 يوليو 1970 وما بعد هذا التاريخ الذهبي.

مرَّت السنون ومضى العمر بذكرياته الصعبة والجميلة، فما تبقى فهو كالوقت بدل الضائع في حسابات كرة القدم.

49 عاماً وأنا أنتظر هذه اللحظة التي لم تأتِ بعد، لكني لا أفقد الأمل، ورغم أنَّ الرستاق تشرفت بزيارة سامية لجلالته أكثر من مرَّة من قبل، إلا أنني لم أفز بشرف الحضور والمُصافحة، وكان اللقاء محصوراً على شخوص بعينهم، وكانت هناك لجان تُحدد الأشخاص الذين "يحق" لهم المُشاركة في هذا اللقاء.

إنَّ الأحلام تمنحنا الأمل في المستقبل، الأمل في رؤية من نُحب، وبدون الأمل تذبل الأحلام، لكننا على يقين بأن التمسك بالأمل يحقق الحلم ذات يوم وإن طال الأمد.