انتفاضة الجامعات العالمية!

محمد بن رضا اللواتي

mohammed@alroya.net

 

لا شك أنَّ البيت الأسود الأمريكي الذي يحتضن حكومة الإرهاب والنفاق الأولى على وجه المعمورة يغلي كالمرجل هذه الأيام، وإلا فهل كان يحلم أن يومًا كهذا سيأتي على الولايات المتحدة؟ اليوم الذي يثور فيه الطلبة الأمريكان في أرقى جامعات العالم على المجازر الوحشية التي تجري أمام مرأى ومسمع العالم على أرض غزة؟ اليوم الذي يُناصر فيه طلبة هذه الجامعات الشعب الفلسطيني ويرفعون شعارات تُندد بالقتل الوحشي المُستمر؟

كلا!

لم يكن لأن يتسلل هكذا تصور في خيال أولئك القابعين في ذلك البيت الذي منظره بات أقبح ما رأته البشرية على الإطلاق. لقد فشلت مخططاتهم الطويلة الأمد في تمييع المجتمع الأمريكي ثقافيا وأخلاقيا وروحيا، ورغبتهم العارمة في إيصاله إلى مستوى أدنى من المجتمعات الحيوانية بإفشاء المثلية فيه، وإذا بهم يفيقون على منظر لم يشهده تاريخهم المنحط في لعق دماء الأبرياء ونزف خيرات البلدان، لم يشهده ما بعد 1968، فالأخلاق لا تزال حيَّة، والثقافة هي التي تتصدى اليوم، إنها تأبى أن تستمر حكومة الإجرام الأولى في العالم في سفكها للدماء وارتكابها للمجازر باسمهم.

ما أعجب أمر طوفان الأقصى؟!

فلقد كشف عمَّا لم تستطع السنون كشفه، وأزاح مساحيق الزيف عن وجوه ما كُنَّا نتخيل قبح مرآها. أما الحكومة الأمريكية راعية الإرهاب والنفاق العالميين، فلقد أظهر طوفان الأقصى وجهها القبيح بنحو غير مسبوق، ونسف شعاراتها الزائفة وبيعها للأحلام الديموقراطية وحرية التعبير وحقوق الإنسان وأحرقته ونسفته في اليم نسفًا.

فلقد شاهد العالم العنف المقيت تجاه المتظاهرين من الطلبة، وأساتذة الجامعات المرموقة، كالذي رأيناه في تعامل الشرطة الأمريكية مع المرشحة الرئاسية "جيل ستاين"، والطريقة التي مارستها في اعتقال أستاذة في جامعة "ايموري"، وكيف انهال بالضرب على أستاذة الاقتصاد "كارولين فولين".

والمذهل في الأمر أن بائعي النفاق عبر الدول، كل من "كاميرون" و"بلينكن" ما توقفا عن بيعهما الكاذب، فذاك أخذ يوجه للحكومة العراقية نصائح لدعم الحُريات، وهذا الأخير في مُقابلة "لورا بيكر" معه من "بي بي سي" فرع الصين، وعندما سألته عن رفضه لتوريد الصين قطع غيار المعدات العسكرية لأوكرانيا، في حين تقوم حكومة الولايات المتحدة بتسليح إسرائيل مما يدمر مصداقيتها، لا سيما في حين تشهد غزة خسائر كارثية في الأرواح، ما يجعل الصين تصور الحكومة الأمريكية بالمنافقة؟ رد ليقول بأنه وعندما يتعلق الأمر بإسرائيل، فإننا نُريد أن نضمن أنها قادرة على الدفاع عن نفسها!

وكان هذا النفاق والكذب مفضوحاً بشكل سافر في مقطع مرئي لرئيس وزراء حكومة العدو الصهيوني وهو يزعم أنَّ الجماعات المعادية للسامية هي التي قد اقتحمت الجامعات الأمريكية، في حين يدير الحراك الثقافي الرافض لسياسات الصهاينة، اليهود أنفسهم مع زملائهم المحتجين.

لقد طوينا مرحلة معرفة المنافقين وطبيعة النفاق الصهيو-أمريكي الدموي، ويبدو أن جامعات العالم تريد أن تدشن مرحلة جديدة من النضال ضد الإرهاب العالمي، بإدخال الولايات المتحدة في ربيعها، تُرى ما موقف كل واحد منَّا في هذا الفصل غير المتوقع من صراع الحق والصدق بالباطل والكذب؟

يعجبني أن أختم هذه المقالة القصيرة بما نقلته الممثلة الأمريكية "سوزان ساندرون" عن "نابليون بونابرت" في كلمتها عشية مظاهرات نيويورك:

"الحرب هي عندما تخبرك الحكومة من عدوك، أما الثورة فهي عند اكتشافك من هو العدو"!

أبلغ حقيقة هي إخباره تعالى لنا بأنَّ نصره لرُسُله وكذلك للذين آمنوا غير مقتصر على الحياة الآخرة، وإنما يسري في الحياة الدنيا كذلك، قال في الآية رقم 51 من سورة غافر: "إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ".

الأكثر قراءة