صناعة التاجر

يوسف بن علي البلوشي

كنت مشدوهًا وأنا أستمع إلى قصة النضال والتحدي التي خاضها رجل الأعمال الدكتور خالد المطاعني، والذي فضل طوال مشوار عمله البقاء بعيدا عن الأضواء وفلاشات المصورين لتتحدث أعماله عن مشوار التحدي وصناعة الذات وقبول التحدي وتجاوز الصعاب.

منذ أيام ليست بالقليلة رأي رجل الأعمال لؤلؤة اجتهاده في مرحلة الغوص في أعماق التحديات والإبحار لعوالم الجد والمثابرة والنضال، يراها بين يديه منيرة وضاءة تتمثل في مشروع أول مدينة متكاملة الخدمات في قلب مسقط النابض بمنطقة الرسيل وفي موقع هام، لتفتح لكل المؤسسات والشركات والأفراد ملاذا ومدينة تضاهي المدن السياحية؛ ولكنّها مُسخرة للعمال والباحثين عن القرب من مواقع أعمالهم بين مصانع وشركات الرسيل.

يقول الدكتور خالد عن مرحلة هامة نريد أن نستشف منها للأجيال القادمة هي "أننا في السلطنة لم تدخر الجهات مشكورة في صنع الطبيب والمهندس والمحامي والباحث عن عمل وإعداد القادة لكن إلى الآن أغفلت عن صنع التاجر، والذي هو أساس الصناعة والتقدم الحضاري والاقتصادي". استوقفتني العبارة لتفتح في ذهني فعلا أن حلم أي طفل صغير عندما يبوح به يقول يتمنى أن يصبح طيارا أو ملاحا أو مهندسا أو ضابطا، ولكن إلى الآن لم نجد طفلا يقول أريد أن أصبح تاجرا في إشارة إلى ممارسة البيع والشراء والتداول المالي والعقاري أو أي من القطاعات؛ فهي التي تفتح لتعلم مستقبل الاقتصاد والصناعة.

لم تكن الكلمات التي جاءت في بوح الدكتور خالد بافتراض تدريس النشء في التجارة بقدر ما هي صناعته معرفيا وسلوكيا ومعرفيا واحتكاكه برواد الأعمال وتنظيم برامج العمل المشتركة مع الدول الأخرى ورجال الأعمال الآخرين والاستفادة من ملامح حياتهم في مشوار التجارة، وبالفعل فإنّ الشباب ومخرجات التعليم يلتحقون في الجامعات لتعلم مبادئ التجارة في كليّات التجارة والاقتصاد والتي تكون نظرية وورقية ولذلك كانت نظرة الدكتور خالد أن يكون ذلك واقعا ملموسا مرتبطا بالميدان وقبلها بالأساسيات النظرية وتكون منذ نعومة اظفار الناشئة، وأيضا ترافقهم في مشوار الحياة لصنع تجار يخدمون الوطن اقتصاديا وتجاريا.

في وجه آخر أعرب الدكتور خالد عن ضرورة توحيد الإجراءات التي تطيل أمد نجاح المشروعات وتعرقل الكثير من خطط الاستثمار المحلي، ولعل في كلماته بذلك بابا مشرعا لكي ترى جهات الاختصاص وتقيم أعمالها في ذلك؛ حيث إنّ مساعي رجل الأعمال خالد المطاعني في إنني اشتري الأراضي التي أقيم عليها المشاريع بنفسي واجتهد في الوقوف على ميدان المشروع ولم أطلب أي أحد إرضاء أو نفعا أو شراكة لكي أقيم عليها المشروع في إشارة إلى تحدٍ عميق في التصرف الحر بالإملاك الشخصية والتي يجب أن تذلل لها جهات الاختصاص كل السبل ليقيم العمانيون عليها مشاريعهم بكل سلاسة، ودفعهم دفعا قويا بتمكينهم وتوفير متطلباتهم الاقتصادية.

ولعلّ السر في قبول التحدي والقيام مجددا بعد خسارة مشروع شركة الاتصالات السابقة؛ التي دفع فيها الدكتور المطاعني الغالي والثمين ليتمكن من الإبحار بسفينته مجددا هي الثقة بالله قبل كل شيء، ورضا الوالدين، ومعهما الإرادة والإيمان بأنّه لن يصيبك إلا ما كتبه الله لك، والسعي دومًا، والجرأة وقبول التحدي والمغامرة.