أهالي الحلانيات يطالبون بمركز انتخابي

 

د. عبدالله باحجاج

الحلانيات هي إحدى نيابات ولاية شليم وجزر الحلانيات الواقعة على الشريط الساحلي لمُحافظة ظفار وتبعد هذه الولاية عن ولاية صلالة بمسافة 310 كيلومترات، وتشتهر ولاية شليم وجزر الحلانيات بمواردها الطبيعية من النفط والغاز؛ إذ تُعد حقول النفط بالولاية من بين الحقول الرئيسية في السلطنة، كما تشتهر الولاية بصيد الأسماك بمختلف أنواعها ويُعتبر صيد الأسماك أحد أهم مصادر الدخل لأبناء الولاية.

وتتكون الحلانيات من خمسة جزر صخرية تقع في بحر العرب، وتبعد عن مركز الولاية بمسافة 41 ميلاً بحريًا تقريبًا، كما تبعد عن نيابة حاسك التابعة لولاية سدح حوالي 50 كيلومترا وتقدر المساحة الإجمالية لجزر الحلانيات بـ45 كيلومترا مربعا، وتُعد جزيرة الحلانيات ومساحتها 25 كيلومترا مربعا أكبر هذه الجزر وتتوسطها، وتقع شرقها جزيرتا القبلية وغرزوت، أما غربها فجزيرتا السودة والحاسكية. نستدعي هذه الخلفية الجغرافية مساحة وبعداً لكي نستدل بها على أهمية مطلب أهالي وشيوخ هذه الجزر بفتح مركز انتخابي داخل هذه النيابة، وهذا مطلب قديم جديد، يتجدد مع قرب كل استحقاق انتخابي، لكنه لا يلقى استجابة، مما يؤثر على كبار السن والمرضى في ممارسة حقهم الانتخابي، بسبب معاناة الوصول إلى ولاية شليم أو نياباتها التي تقع على اليابسة، فلكي يُمارس مواطنو هذه النيابة حقهم السياسي، يتم نقلهم جوا أو بحرا إلى الولاية، وغالبا ما يكون جوا؟

وبسبب مثل تلكم الظروف، يعزف الكثير من المواطنين عن الذهاب إلى صناديق الاقتراع سنويًا، ففيها معاناة لهم، فعلاوة على تلكم الظروف، يقضي كل ناخب مدة زمنية طويلة حتى عودتهم لمسقط رأسهم من الصباح حتى المساء، ولنا تصور هنا حجم معاناة أصحاب الظروف الخاصة سالفي الذكر.

فلماذا لا يتم إقامة مركز انتخابي لهم في نيابتهم؟ فأيهم أكثر نفعًا ومصلحة، أن يذهب الصندوق الانتخابي باثنين أو ثلاثة مراقبين إلى الحلانيات أم يتم نقل من يحق لهم الاقتراع جوا أو بحرا في مثل تلكم الظروف؟ وهذا التساؤل قد أصبح الآن ملحًا في ضوء المواقف الاجتماعية من أداء الكثير من أعضاء مجلس الشورى الذين ستنتهي فترتهم قريباً، وكذلك في ضوء ما يعانيه أهالي الحلانيات من عدم استجابة لكل مطالبهم التنموية الأساسية التي صدرت بشأنها توجيهات عليا- وقد تناولناها في عدة مقالات سابقة- وسنقوم قريباً بزيارة لهذه الجزر للتعرف على حجم ما أنجز منها، وما لم ينجز منه، ولماذا لم تنجز كلها حتى الآن، سننقل معاناة سكان هذه الجزر والظواهر السلبية التي يعانون منها، كظاهرة غزو الأيدي العاملة الهاربة لهذه الجزر، واختراقها لمهنة صيد الأسماك، وتشكليها "لوبي" يملك التأثير والقوة والسيطرة والمال رغم التشريع الذي يجرم ذلك، ووجود الرقابة.

من حق المواطن أن توفر له كل السبل الممكنة والمتاحة لممارسة حقه الانتخابي وهو في مسقط رأسه، هذا من حيث المبدأ، فكيف الحال بظروف الحلانيات، وهنا تبدو لنا مفارقة جديدة، وهي تكمن في مشهد مطالبة الأهالي بانسيابية وسهولة ممارسة حقهم الانتخابي وبين عزوف الجهات المختصة عن الانفتاح على هذا المطلب اعتدادا بالظروف الصعبة، رغم أنَّ من أهم أدوارها الأساسية توفير كل السبل والديناميكية لممارسة مثل الحقوق، وعدم الانفتاح، يعني الدفع بالعزوف، ليس هناك من نتيجة الآن لعدم هذا الانفتاح سوى ما ذكرناه لاحقاً، حتى لو اعتددنا بالمنطق، فسنجده يميل نحو مطالب الأهالي والشيوخ كذلك، فمشهد الطائرة تنقل الدفعة تلو الأخرى من المقترعين إلى شليم في رحلات متتالية، تعد عملية فيها من الاستنفار والتعبئة والتكلفة المالية والوقت، على عكس ما لو تم افتتاح مركز انتخابي بثلاثة موظفين، فأيهما أكثر جدوى ومصلحة نقل أعداد كبيرة من المقترعين إلى شليم أم نقل صندوق بثلاثة مراقبين إلى الحلانيات؟

زيارتنا المرتقبة لهذه الجزر العمانية المنعزلة عن اليابسة العمانية، ستقربنا أكثر نحو فهم المطالب الاجتماعية الحالية والقديمة، ومعرفة الحاجة المستقبلية لها، وهل هي مستوعبة ضمن الخطة الخمسية الحالية أم مرحلة؟ حيث تتوفر لهذه المناطق بخصوصياتها التاريخية والجيوإستراتيجة كل مقومات الأولوية، وحتى إذا لم تتوفر لها مثل هذه المقومات، فإنَّ فلسفة التنمية ومنهجية مساراتها تقتضي في جوهر الاعتداد بمطلب المركز الانتخابي، فالمتأمل فيهما، سيلاحظ أن قوافل التنمية في بلادنا قد جابت جغرافية بلادنا أينما يتواجد الإنسان العُماني؛ حيث يمكن ملاحظة شق الطرق وأرصفتها ومد التيار الكهربائي والمياه الصالحة للشرب لكل تكتل بشري حتى لو قرية صغيرة محدودة السكن، فكيف بمطلب إقامة مركز انتخابي في الحلانيات تخفيفاً وتقديراً لمشقة الأهالي عامة وأصحاب الظروف الخاصة على وجه التحديد، فهل سيلقى مطلبهم هذه المرة النور؟ وبلادنا تستعد لاستقبال الفترة التاسعة من انتخابات مجلس الشورى، وبعدها انتخابات المجلس البلدي؟