‏‏ردود أفعال حول "اختيار الزوجة"

 

طالب المقبالي

 

ليست جميع المقالات بحاجة إلى توضيح للمفهوم الذي يرمي إليه الكاتب والمغزى مما تضمنه المقال. ولكن أحياناً يضطر الكاتب لتوضيح الالتباس الذي وقع فيه بعض القراء، إما لعدم تعمقهم في قراءة المقال والاكتفاء بقراءة سطر أو سطرين منه وبالتالي أصدر حكمه على المقال، وهؤلاء ممن يندرجون في إطار المقولة "أمة اقرأ لا تقرأ"، أو لعدم استيعاب المقالات التي تسلط الأضواء على قضايا شائكة في المُجتمع، أو أنَّ الناقد من الصنف الذين سيرد ذكرهم في هذا المقال، فلو تعمق القارئ في المقال لأدرك المغزى الذي أرمى إليه. ولي رأي قلته في كثير من مقالاتي، وفي كثير من تغريداتي بأنني اهتم بالنقد البناء والهادف، لأنني من خلال هذا النقد تعلمت الكثير وحسنت من أسلوبي وطريقتي في الكتابة مما أكسبني قاعدة كبيرة من القراء والمتابعين ولله الحمد والمنة.

وفي هذا المقال تباينت ردود الأفعال، ومن هنا أحب أو أوضح أنني لا أنادي بزواج الولد خارج مشورة الأسرة، لكن أنادي بأن تتاح له الفرصة لاختيار شريكة حياته، ومن ثم يعرض الأمر على والديه وهما بالطبع سيسألان عن الحسب والنسب وغيرها من الأمور المعروفة في شؤون الزواج، لكن البعض لم يفهم هذا البعد الذي أرمي إليه.

فهناك بالفعل زيجات تتم بالإكراه سواءً للشاب أو للشابة، وهناك آباء لا زالوا يفرضون سلطتهم على أولادهم، وكمثال لهؤلاء الآباء أب تولى كل شيء عن ابنه، من اختيار المنزل، واختيار أثاثه وديكوراته، واختيار سيارته وماركتها ولونها، طبعاً هذا بالإضافة إلى اختيار الزوجة، ومستلزمات الزوجة من ملابس وحُلي، ومكان إقامة حفل الزواج، وقد وصل به الأمر أن رافق الابن وزوجته لقضاء شهر العسل في الخارج بحجة الخوف على ابنه من عدم حسن التصرف. إنَّ هذه العينة من الآباء يقيدون حرية أولادهم ويضعونهم دوماً تحت عباءتهم ولا يريدون لهم الاستقلال في حياتهم.

وهنا يجب أن نقول كلمتنا من أجل تثقيف المجتمع، فهناك عينات وإن كانت محدودة تتصرف بمثل هذه التصرفات تجاه أولادها.

لقد تناول كثير من المغردين هذا المقال وطرحه لمتابعيه لاستطلاع وجهات النظر حول مضمون المقال.

فعلى سبيل المثال المغرد أو الناشط هيثم بن سليمان الأمبوسعيدي قد نشر صورة من مقالي عبر الإنستجرام فتباينت ردود الأفعال بين مؤيد ومعارض، وهذه نماذج من الردود:

يقول أحدهم: " عدد زواج الحُب زاد بسبب تطور وسائل الاتصال ولا أحد ينكر أن عدد حالات الطلاق قد زاد" وهذا رأي آخر يقول صاحبه "كلام الكاتب كان واقعياً إلا أنه للأسف سيجد كثيراً من المعارضين، وسيقولون إن رضاء الوالدين أهم .. في المقابل إن رضا الشخص بزوجته أيضاً مهم وهذه عشرة عمر، فمن حق الولد أن يختار شريكة حياته التي يرتاح إليها وليس أبوه وأمه"وتعليقي على الموضوع أن رأي الوالدين مهم ولكن دون أن يفرضوا رأيهم عليه كأن يتزوج ابنة عمه أو عمته أو ابنة خاله أو خالته. وهذا رأي آخر يقول: لقد حدث معي موقف حيث رفض الأهل الزواج بالتي أريدها لأنهم يريدون أن يزوجوني بالتي اختاروها لي دون علمي، أما أخي فقد زوجوه بدون علمه وتفاجأ عندما عاد إلى البيت أخبروه بأن أهل العروس وافقوا عليه، وقالوا له هيا بنا نخطب لك رسمياً، وأخي مصدوم.

ومن القصص الغريبة التي وردت ضمن استبيان الإنستجرام: في أحد الأيام رجع أحدهم إلى البلد بنهاية الأسبوع بعد قضاء أسبوع حافل في العمل في إحدى الولايات البعيدة، وفجأة أخبرته والدته بأن يلبس ملابسه لأنها تريد الذهاب لإحدى صديقاتها وبصحبة والده.

لم ينتبه للموضوع معتقداً أنها مجرد زيارة عادية لأحد المعارف، وعند وصولهم لمنزل صاحبة والدته تفاجأ بأن والده يقول: هذا ولدنا الذي أخبرناكم أننا نريده لابنتكم، وأشار الأب إلى ابنه قائلاً: هذا أبو فلانة وافق أنه يزوجك ابنته! لقد صدم الشاب من الموقف لدرجة أنه لم يستطع الكلام أو قول أي شيء، فكانت مخططات زواجه تتم دون علمه منذ أسابيع وصاحب الشأن آخر من يعلم، حتى وضع أمام الأمر الواقع.

وكان هذا الشاب يُخطط أن يتزوج فتاة أخرى اختارها أن تكون شريكة حياته وكان على اتفاق مع من اختارها، إلا أن والداه كانا متشددين في موضوع الزواج ولم يستطع الرفض أو مناقشة الموضوع، فما كان لديه من خيار سوى الرضوخ أمام الأمر الواقع والشكوى إلى الله.

القصة طويلة وبها أحداث كثيرة إلا أنه من باب الاختصار تمَّ الزواج على مضض وكان زواجاً فاتراً خالياً من أي تجانس، فبعد ستة أشهر تزوج بالفتاة التي اختار أن تكون شريكة حياته، فالضحية هنا أصبحت الفتاة التي تزوجها إرضاءً لوالديه.

وأثناء كتابتي لهذا المقال انهالت الردود والقصص الغريبة عن زواج الإكراه من شبان وفتيات، وهذه الردود تحتاج إلى عدة مقالات ولا يستوعبها مقال واحد.

لقد كشف مقالي اختيار الزوجة مآسٍ وقصص كثيرة مؤلمة وقعت بسبب الزواج بالإكراه، ورغم ذلك ما زال هناك من يدير ظهره عن الحقيقة، وما زال ينتقد مقالي ويصفني بالخارج عن العرف والعادات.

الأكثر قراءة