ما بعد الخروج الآسيوي

حسين بن علي الغافري

ودّع مُنتخبنا الوطني لكرة القدم المنافسات الآسيوية من دور الـ16، مساء الأحد، في مباراة توقَّعناها صعبة على استاد محمد بن زايد في أبوظبي. مُباراة بدأت بطريقة مثالية لمنتخبنا بحُصوله على ركلة جزاء في نظري يُمكن وصفها بـ"نقطة التحول". عموماً، لا نقسُو على نجومنا، فقد قدموا بطولة أثبتتْ أن هذه المجموعة قادرة على فِعل الكثير مُستقبلاً، وحجم الإمكانيات التي يمتلكونها لا غُبار عليه.

مُباراة إيران كشفتْ لنا -أو بالأحرى جددت- أسبابَ خُروجنا، والتي نعلمها جميعها، وأبرزها: حجم الفروقات الكبيرة بيننا وبين المنتخب الإيراني -أفضل منتخبات القارة الآسيوية، وصاحب المركز التاسع والعشرين عالمياً- ولا ننسى مشواره في التصفيات المؤهلة للمونديال العالمي في روسيا، كما هي الحال عن الكرة المتطورة التي حضر بها في المونديال وتفوقه، والإمكانيات الفنية العالية التي يمتلكها لاعبوه. المباراة إجمالاً كشفتْ جوانب كثيرة بحاجة إليها الأحمر العُماني في منافسات من هذا النوع، فحجم الاختلاف والخبرات والتجارب ترجِّح إيران من جميع الجوانب، والهزيمة التي أدت لخروجنا منطقية للغاية.

الآن، نحنُ بحاجة إلى وقفة صريحة وتنظيم للألويات في المستقبل القريب والبعيد، بحاجة لمصارحة حقيقية، ولا نبالغ أو ننظر في عبورنا إلى دور الـ16 بالإنجاز الكبير، فمع كل التقدير فقد خدمنا كثيراً نظام البطولة وتأهل 16 منتخبا من أصل 24، وإلا فإن الحال مماثلة لما سبق، والخروج المبكر مصيرنا المتكرر.

كما ذكرتُ لا ينبغي أن نقسو على اللاعبين وتحميلهم ما لا يجب أو فوق طاقتهم، كُل فرد منهم قدم كل إمكانياته؛ فمع فوارق الخبرات والمشاركات مع كبار القارة الآسيوية تنجلَّى لنا الحقيقة المرة والواقع الأليم. وقدر الله وما شاء فعل، وهذه حدود إمكانياتنا، ولا نطالبهم بأكثر مما حَصل. ونحن مع كل التحليلات والبحث عن الأسباب في الخروج تظهر العوامل الرئيسية التي تنقُصنا؛ ومنها: جودة الدوريات والاحتراف الرياضي ومدى جاهزية كل اللاعبين. العملية كلها تكاملية وتتشعب إلى عوامل مختلفة، وجلها غير متوفرة للأسف.. قوة البطولة المحلية وتجهيز المنشآت واحتضان المواهب الناشئة رأس كل إنجاز وهرم كل طموح.

ونقطة إضافية لا يُمكن تجاوزها، وهي الحضور الجماهيري اللافت في جميع المباريات والزحف خلف المنتخب للمؤازرة، في دلالة واضحة على أن الجانب الرياضي في السلطنة يشغل كثيرًا من شبابنا. هذا الحضور كان يستحق أكثر من وصف فيربيك غير الموفق، هو مدرب مُحترف، وينبغي عليه أن يعي ما يقول عندما ينتقد. هذه حال الكرة، المنتخب للوطن والجمهور وقود النجاح الرئيسي وعليه أن يعتذر. عموما الحضور الجماهيري الفعال والمساند في كل مبارياتنا بحاجة إلى التفاتة حقيقية تدفع النهوض الفعلي بالرياضة والمنشآت الرياضية، بحاجة إلى أن تتبنى الحكومة الدفع بالرياضة وتطويرها خطوات جادة، فما كانتْ البطولات المحلية والبنية الرياضية على أتمِّ استعداد، فلسنا أقل عن جيراننا في دول الخليج على أقل تقدير، والتي نشاهد من خلالها المنافسة العالية وجودة الملاعب، وهو ما ينعكس إيجاباً إلى جوانب مختلفة منها المنتخبات الوطنية، وتعزيز السياحة الرياضية في احتضان منافسات كبيرة واستقطاب أعين العالم إلينا.