اختيار الزوجة

 

طالب المقبالي

كل شيء في بلادنا قد تطوّر إلا طرق اختيار الزوجة، فما زال الشاب في بلادنا يتزوج بطريقة جدي وجدتي. فالأم أو الأخت أو الخالة أو العمة هي من تختار زوجات شباب القرن الحادي والعشرين، شباب عالم تقنية المعلومات والتكنولوجيا والسوشيال ميديا.

هذا الشاب الذي ما زال يقف عاجزاً عن اختيار شريكة حياته رغم تطور الحياة بشتى أنواعها.

زواج خالٍ من الاختيار الصحيح وخالٍ من الحب والانسجام وتقارب الرغبات، زواج تقليدي بحت مآله الفشل وفتور العلاقة بين الزوجين قد يؤدي في كثير من الأحيان إلى الانفصال.

فمن أنواع الزيجات التي تتم أن تعجب الأم بابنة صديقتها أو جارتها وبالتالي تقوم بخطبتها والعريس لا يدري بما يحاك في الخفاء حتى تتم الموافقة المبدئية من قبل أم العريس وأم العروس.

والنوع الآخر تكون الأخت لديها زميلات في المدرسة أو الجامعة فتختار له واحدة من أجمل زميلاتها.

فبعد أن تأخذ الموافقة المبدئية من صديقتها تخبر أمها أولاً، فإذا ما وافقت الأم على الفكرة يخبران صاحب الشأن بما اتفقتا عليه، فيكون المسكين لا خيار له سوى الموافقة.

وتتم إجراءات الخطوبة الرسمية ثم عقد القران، والتطور الوحيد الذي أدخل على طقوس الزواج هو الالتقاء بزوجته بعد عقد القران فيقوم بالاجتماع بها وتقديم الهدية لها بحضور أمها وأبيها وبقية أفراد أسرة الزوجة.

إنّ هذا النوع من الزواج قد يكتب له النجاح والاستمرار ما إذا ابتعد موعد الزواج أو الدخلة لمدة لا تقل عن عام، حيث يلتقيان في منزل الزوجة ويتبادلان الحديث عن المستقبل وعن بيت الزوجية، وكل منهما يأنس للآخر ويتولد بينهما نوع من الود والوئام.

أمّا الزواج المحكوم بالفشل والانفصال من طريقة الزواج هو عقد القران والدخلة في آن معاً، فهنا لم تتح الفرصة للزوجين أن يتعرفا على طباع وتوجهات بعضهما، وبالتالي سيجدان نفسيهما غير منسجمين ومتباعدي الأفكار، وهنا يبدأ مسلسل الخلاف الذي سيؤدي إلى الانفصال لا محالة.

فالحياة الخالية من الحب لن تدوم، وإن دامت فستكون علاقة فاترة يكتنفها البرود والتنافر، فكثير من الأزواج سوف يبحثون في مكان آخر عن حب افتقدوه، فتكثر سفرات الزوج إلى الخارج مع أصحابه، وسينفق من الأموال في شهر ما لا ينفقه على زوجته في عام.

ومن الطرق الناجحة للزيجات الناجحة أن يختار الزوج زوجته بمواصفاته ورغباته الشخصية بما يتوافق مع طبيعته ورغباته وميوله وتقارب في الأفكار بينه وبين شريكة حياته.

وهناك مناسبات يمكن أن يجد الإنسان فيها الزوجة الصالحة من خلال الجامعة أو العمل أو الملتقيات أو الدورات والورش، وأتمنى ألا يساء الفهم أنني أشجع على الخلوة غير الشرعية، وإنما يمكن أن يستشف الإنسان من خلال حديث ونظرات وابتسامة الطرف الآخر وأسلوبه في التفكير، ومن هنا يمكن أن يبدأ في دراسة حياة البنت التي يحس أنه من المناسب أن تشاركه الحياة.

وبما أنّ الزوجة هي مكتوبة سلفاً في غيب الله فإنّ الله تعالى سوف يسخر الأسباب ويبعث السكينة والاستئناس بينهما دون علمها حتى تنتهي القصة بالزواج.