قصة قصيرة: صـورة تذكارية


د. قائد غيلان | اليمن

كانت تراودني منذ فترة عمل صورة تذكارية لإحدى قدميّ، ولم تتحقق التجربة بسبب أن قدمي لا تكون جاهزة حين تحضر الكاميرا، هنالك عناد متبادل بينهما. طلبت مرّة من مصوِّر مشهور أن يلتقط لها صورة إلى جانب المكتبة، لكن قدمي، ويا للعجب، كانت تتِّجه صوب الكتاب الديني، وهو الأمر الذي أزعج المصوّر الحريص ألا تقابل القِبلة ولا تستدبرها ولا تقابل الشمس ولا تستدبرها.
ذات يوم دفعت مبلغا كبيرا لمصوّر شاب على أن يأخذ صورة لقدمي اليسرى على الجبل المطل على دار الحجر، وهناك التمّ حولنا جمع غفير من المواطنين وكلهم أفتوا بعدم جواز أخذ الصور في ذلك المكان، لأن الشمس كانت تقف بين قدمي وبين الدار، وذلك يخالف التعاليم، ويوقعنا في شبهة أنها ربما كانت متعامدة مع الشمس، وذلك شِرك والعياذ بالله.
قبل أيام نصحني ناصح أن أستعين بمصور مأجور متخصص في اصطياد الفضائح، قال لي ادفع له مبلغا كبيرا وهو سيترصد قدميك حتى يجد فرصة مناسبة لالتقاط صورة مشروعة، بعدها بأيام وبينما كنت أصلي سمعت جلبة وصياح وهروب جماعي للناس من المسجد، وفي الباب كان الناس يلتمّون حول المصوّر وقد كسروا كاميرته ورأسة، طالبني على إثرها بتعويض باهض لأنه خسر رأسه وكامرته وهو يحاول التقاط صورة لقدمي أثناء السجود.
ظلّ حلم الصورة يراودني حتى رفع الأهالي بالقضية إلى مفتي أكبر وأقدم جامع في المدينة، فأفتى بأن تصوير الأرجل حرام شرعا الا إذا كان ذلك لغرض طبي وأن تكون الصورة بالأشعة غير الملوّنة بحيث لا تظهر أيا من مفاتنها المتعدّدة، انزعجت من الفتوى وفرحت بها رجلي فرحا شديدا، لاشتمال الفتوى على وصف " مفاتن" مقترنا بها.
وها أنا الآن في بيتي لا أستطيع الخروج، فهناك جيش من المصورين والفضوليين والمعجبين يعسكرون عند ناصية الشارع منتظرين متى تخرج رجلي الفاتنة من مخبئها..

 

تعليق عبر الفيس بوك