د. عبدالله باحجاج
يتطلع الرأي العام كله، إلى نتائج اللقاء الرباعي الذي سيعقد خلال الساعات المقبلة بين بلدية ظفار والمجلس البلدي المحلي ووزارة السياحة وشركة ساس، لمناقشة قضية المضابي المثيرة للجدل، والتي كان لنا السبق عبر جريدة "الرؤية" في فتحها، وتعاطى معها الرأي العام إيجابا وبصورة عاطفية نتيجة الضرر الكبير الذي سيلحق بمجموعة مواطنين يترزقون عليها منذ عدة سنوات، وفتحوا من خلالها مجموعة أسر عائلية، ليس لها دخل سواها. (يراجع مقالنا المعنون "مضابي سهل اتين.. والمصير المجهول").
فكيف ستكون النتائج؟ مهما كان الانفتاح الإيجابي لبلدية ظفار والشركة نحو الاعتداد أخيرا بالوضع الاجتماعي لأصحاب المضابي، الغائب سابقا والحاضر حاليًا، رغم أهمية هذا التحول الكبير، إلا أنّه يظل- أي الانفتاح- مبهم وغير واضح في تفاصيله، رغم ما ورد من سعادة رئيس البلدية في تغريدته بالسعي لإيجاد موقع مناسب. ونتساءل: ما هو المعيار الذي سيحدد هذا الموقع؟
هذا الملف بكل تفاصيله بما فيها تلكم الجزئية المهمة، ينبغي أن يحمل همَّه بالدرجة الأولى المجلس البلدي، وستمثله فيه "لجنة البلدية" فهى المؤسسة المنتخبة التي تمثل المجتمع، وعليه يستوجب توجيه الرسائل العاجلة التالية لها.
- الرسالة الأولى: العمل على عدم إغلاق المضابي قبل تأمين استمرارية خدمة المضابي بصرف النظر هنا عن الموقع، فالإغلاق أولا والعمل على إقامة محلات جديدة ثانيا، ليس في صالح السياحة في ظفار، خاصة إذا ما عملنا- كما يروج له- أنّ الإغلاق سيستمر لمدة ثلاث سنوات، وأن إقامة بدائل لها مؤقتة أو دائمة ستستغرق وقتا طويلا، وهنا سيكون من بين الأخطاء الاستراتيجية الكبرى، لو نفذت فكرة الإغلاق قبل تأمين خدمة المضابي.
- الرسالة الثانية: من المصلحة العامة أن تظل المضابي في مواقعها الراهنة، وأن يكون التطوير والتحديث في المساحات الفارغة، وفي المرحلة الأخيرة يتم إحداث التطوير على المضابي وفق التصورات المرسومة- إن كانت هناك تصورات الآن- أما إذا كانت الشركة تنوي الاستحواذ على موقع المضابي، وهدمها من أجل إعادة تطويرها من جديد، وإدراجها ضمن محتوى المشروع كحزمة متكاملة ومنغلقة داخل هذه المنظومة - كما يتسرب- فإنّ هذا يعزز مقترحنا سالف الذكر، وهو أولا تأمين استمرار الخدمة قبل الإغلاق، وهذا يحتم منح أصحاب المضابي مواقع على نفس المسار وذات الأهمية الاستراتيجية لمواقعهم الحالية، شريطة أن تتكفل ببنائها الشركة أو البلدية أو وزارة السياحة.. لماذا؟ نظرا إلى أن أموالا كبيرة أنفقها كل صاحب محل؛ فقد اطلعنا على بعض الأرقام، منها مثلا أحد المحلات استثمر 60 ألف ريال، وآخر 30 ألف ريال رغم تطوير وتحديث المحلات بمكرمة سامية.
- الرسالة الثالثة: هذا اللقاء يعد فرصة مواتية للمجلس البلدي لمعرفة كل تفاصيل اتفاق منح شركة واحدة عدة مواقع في أمكنة مختلفة من صلالة، يقال خمسة مواقع، من بينها موقع واحة اتين وممشاها، وموقع الدهاريز والحافة والمغسيل. وإذا كانت هذه المعلومات كلها دقيقة، فكيف، ومتى، ستتمكن الشركة من تنفيذها؟ وما هي الآجال الزمنية التي التزمت بها الشركة في العقد؟ وما هي طبيعة المخططات السياحية التي ستقوم بتنفيذها في هذه المواقع؟ معرفة الإجابة عن مثل هذه التساؤلات المهمة، يحتم على المجلس البلدي الاطلاع على بنود هذه الاتفاقيات، ففيها سيمكنه تبديد المخاوف الاجتماعية أو إدارة السلبيات إن وجدت، فهذا اللقاء يشكل فرصة مواتية للمجلس البلدي لكي يكون في قلب مثل هذه التحولات التي ستغير وجه السياحة الإقليمية في محافظة ظفار.
فهناك هواجس اجتماعية عالية المستوى من مسألة ماهيات التطوير والتحديث، ومن آجالها الزمنية، وهي الآن مشروعة في ضوء إغراق مشروع تطوير الحافة في عتمة الآجال الزمنية حتى الآن، وفي ضوء كذلك تسليم مواقع سياحية استراتيجية مثل افتلقوت لمستثمرين منذ عدة عقود، ولم يتحركوا فيها قيد أنملة، وتظل بأسمائهم وهي توزن بالذهب؟ لذا هذا دوركم أيها الأعضاء، وهو من أقدسها، لأنكم تمثلون المجتمع في مسيرة الشراكة الثلاثية التي رسم هندستها السياسية بإبداع عاهل البلاد- حفظه الله ورعاه-، وذلك لكي تكون المجالس البلدية قلب وعين الشريك الاجتماعي للحكومة وللقطاع الخاص.
- الرسالة الرابعة: لقاؤكم المرتقب ينبغي النظر إليه من هذه التأطيرات القانونية المهمة جدا، وهي أنّ الشركة وإن أخذت الصفة الحكومية، إلا أنّ جل هاجسها سيكون الربح، مثلها مثل أي شركة خاصة، وهذا من حقها، وأنّ البنية الحكومية فيها، ينظر إليها كفاعل اقتصادي مثل أي فاعل اقتصادي خاص، أي ليس لها ميزة تفضيلية قد تفهم من سياق الصفة الحكومية.
أمّا البلدية فمن المؤكد أنّ هاجسها العائد المالي الذي سيعزز مواردها أو موارد الدولة، وهي الآن في أمس الحاجة إلى مثل هذه الموارد في عصر الضرائب، وحتى في هذه الحالة، فإنّ مسؤوليتكم تقع هنا في البحث في طبيعة هذه العوائد، وهل ترتقي إلى مستوى قيمة الأراضي الاستراتيجية. أمّا السياحة، فوجود شركة عمران المعنية بتطوير السياحة في بلادنا، ربما نحتاج لمزيد من الوقت حتى نتفهم أدوارها الحقيقية. عموما، الرأي العام يتطلع إلى نتائج هذا اللقاء سواء في قضية المضابي أو في معرفة تفاصيل عمليات التطوير والتحديث للمواقع الخمسة من حيث التفاصيل التي أشرنا إليها، فالكرة الآن في ملعبكم؟ ونترقب النتائج.