سلوكيات

 

 

عائض الأحمد

 

تشعر بالغربة عندما تبتعد عن وطنك وأهلك ومن اعتدت على التواصل معهم في كل تفاصيل حياتك اليومية، شعور إنساني ليس حكرا على فئة معينة أو طبقة دون أخرى.

ولكن أن تستشعر الغربة وأنت مع كل هؤلاء فهنا المعاناة الحقيقية.

 أحدهم يقول بأنك دقيق في التفاصيل وآخر يراها تطفلاً منك على الغير وكأنه يقول دع الخلق للخالق.

المشكلة ليست هنا فما تشاهده أنت يمر مرور الكرام وما أراه أنا لن استطيع تمريره وتجاوزه دون أن أعبر وامتعض وأظهر رفضا مؤدبا فربما هناك من يستجيب.

اعتقد أنَّ المُجتمع هو المسؤول الأول والأخير عن تصرفات أفراده فعندما تنكر وتظهر رفضك لسلوك لا يتفق مع الذوق العام فهذه ثقافة وعلى الجميع أن يمارسها في حدود الآداب العامة المتعارف عليها دون تجاوز أو تدخل مُباشر في حريات الغير.

عندما تسكن حيًا يقوم سكانه بممارسة الرياضة فثق تمامًا بأنك ستصبح عضوًا ممارساً وموجهًا لمن حولك.

 

وعندما تسكن في مبنى يُحافظ سكانه على نظافته فأنت لن تكون أقل منهم حرصًا وتعاوناً، هي سلوكيات تنتقل دون أن نتعلمها وإنما محاكاة لمن يطبقها.

وكلنا نعلم ما يحدث لنا دون استثناء عندما ننتقل إلى هذه المجتمعات وكيف نحاكيهم ونلتزم بالنظام وكأننا لم نر الشمس يومًا في بلادنا.

الملفت أن البعض يصنف بعض ممارساتنا ونقدنا على أنها نوع من التمادي (الحشرية) والتعالي وهناك طرف آخر يقول (اغلق باب منزلك) ودعك مما يحدث خارجه وهذه آفة العديد من المجتمعات فتجد كل ما حولهم يعج بالإهمال وكأنك تزور بقايا بشر أو مخلفات حرب أكلت الأخضر واليابس.

ويذهلك أهل هذا الحي في تناقض شخصياتهم فمنازلهم من الداخل لا تعكس كل ماتشاهده على أبوابها من أكوام للمخلفات وكأنك بمجرد الدخول انتقلت لعالم آخر.

لماذا نعتقد أنّ التناصح والتعاطي مع الشأن العام تدخل في شؤون الغير؟ أليس من حقي وحقك أن ترى وطنك وحيك ومنزلك وكل من حولك نظيفاً ويلتزم بنظام وآداب وسلوكيات المجتمعات المتحضرة إن لم تستطع التأثير على من يشاركك المكان والزمان وحثهم على جماله وما يدور في فلكه فلماذا تطلب من الجهات الأخرى أن تقوم بتنظيف مخلفاتك وأنت من ينتهك الذوق العام يومياً.

 

 ألم تراقب تصرفك ثم تحدث ما تبقى لديك من ضمير وتبدأ بنفسك ثم تصر على نشر ثقافتك وتحاول وتحاول مرار فإن لم تجد من يسمع فستجد من يحاكي أفعالك وتصرفاتك المتكررة .

 هكذا تنتشر السلوكيات وتصبح ثقافة مجتمع .

المعيب أن تقول نظافة منزلي شاني الخاص ونظافة شارعي شأن عام عام خاصة إن استشعرت بأنك جزء منه.

ثم قس على ذلك الكثير قبل أن تسرق الأيام أحلامنا وتحرمنا فوضوية البعض من نشر ثقافة المسؤولية ليس فرد وإنما مجتمع يتحدى أفراد لإعادتهم إلى الصواب.

 

ومضة:

عندما تقول قناعتك بأنَّ هذا خطأ فلن تقوم به أبدًا حتى لوكنت في الصحراء منفردا.

الأكثر قراءة