وقف الحملات الإعلامية

 

سيف بن سالم المعمري

 

مثلت الكلمة الكريمة لحضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة - في افتتاح الدورة الـ39 لقمة مجلس التعاون الخليجي- المشاعر الأبوية الصادقة لسموه، وكانت كالبلسم الشافي الذي تعلقت معه قلوب أبناء الخليج؛ لعلاج عضال الانقسام في بيتهم الذي فجرته الأزمة الخليجية، وارتفع معها سقف التطلعات للمواطن الخليجي، وتشبثه بحكمائه لإزاحة تلك الغمة التي حلت بالبيت الخليجي منذ أكثر من عام ونصف، وقد أحدثت المناكفات الإعلامية تشويشا وانتهاكا للمثل النبيلة والأخلاق الحميدة التي تربى عليها أبناء الخليج، حيث قال سموه: "انطلاقا من حرصنا على الحفاظ على وحدة الموقف الخليجي، فإننا ندعو إلى وقف الحملات الإعلامية التي بلغت حدودا مست قيمنا ومبادئنا وزرعت بذور الفتنة والشقاق في صفوف أبنائنا".

لقد وضع سموه يديه الكريمتين على الجرح الذي لا يزال ينزف، وطالب وفي أكثر من مناسبة - منذ بدء الأزمة الخليجية- بإعلاء صوت الحكمة، وتغليب المصالح العليا لأبناء الخليج، ووقف الحملات الإعلامية التي لم تكتف بحدود الخلاف والاختلاف بل تعرضت للأعراض والمحرمات، وهي مرحلة غير مسبوقة في تاريخنا العربي.

لقد انتهت قمة قادة دول مجلس التعاون الخليجي في دورتها الـ39 التي عقدت بالرياض، وقبلها كانت القمة الـ38 التي عقدت بالكويت، وقد كان البيانان الختاميان للقمتين يدعوان إلى التكامل والتنسيق المشترك في مختلف المجالات، وفي الحقيقة إن المواطن الخليجي -في المرحلة الراهنة- لا يعلق أي أمل على ذلك التكامل والتنسيق أو إنجاز أي مشاريع مشتركة في ظل استمرار الأزمة الخليجية، والانقسام الحاد بين بعض دوله.

إنّ أبرز منجز تحقق لأبناء دول مجلس التعاون الخليجي منذ انطلاقة المجلس في عام 1981م هو ذلك الترابط الأسري والتداخل الاجتماعي والانسجام الاقتصادي والأمني بين جميع دول الخليج، وعملت جميع الدول مجتمعة على تحقيق رؤية تكاملية مشتركة هدفها الأسمى بناء الإنسان الخليجي وتسخير الطاقات والموارد التي تنعم بها منطقتنا الخليجية من أجل رقيه ورفاهيته، وإن أي مشاريع وتفاهمات أخرى تغفل عن الركيزة الأساسية والمورد الأهم في دولنا وهو الإنسان، فإنّ البناء لن يكتب له النجاح، فالبناء الحقيقي والتقدم الحضاري للمجتمعات لا يقاس ببناء المصانع والمنشآت فحسب بل إنّ الإنسان هو أهم أركان البناء في أي دولة فهو صانع التنمية ومفجر طاقاتها.

إنّ المساعي الكريمة التي بذلها أمير الإنسانية صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد -يحفظه الله- ولا يزال، وقد أيدته السلطنة وباركت مساعيه، منذ اليوم الأول للأزمة الخليجية، هذه المساعي تعكس المثل النبيلة السامية لسموه، وحنوه الأبوي المعهود، وهي مساع تحتم على كل أبناء دول الخليج بمختلف مسؤولياتهم وانتماءاتهم الاصطفاف حولها، وتغليب المصالح العليا للنسيج الاجتماعي الخليجي، وعدم الانجرار وراء تلك الدعوات المضللة والمسعورة والتي تهدف إلى زعزعة الاستقرار في البيت الخليجي، وإنّ علينا جميعا مسؤولية أخلاقية فرضتها علينا القيم النبيلة التي حثنا عليها ديننا الحنيف، وأصبحت جزءا من عقيدتنا الاجتماعية، ورسختها قيم التسامح والوئام والمحبة التي قامت عليها دولنا الخليجية، والتي إن تمسكنا بها وحافظنا عليها ستبقَ لأجيالنا القادمة.