سجاننا يحسدنا


د. أحمد جمعة | مصر

في السجن
لم نكن ننقب عن كنز الحرية
كنا نحفر الجدران
بمعاول من الصمت القاسي
وندفن فيها
أحلامنا،
كنا نكفّن سنواتنا
بالشيب،
وكان الذين تحملت ظهورنا
جلد جدران الحبس الانفرادي
لأجلهم،
يكيلون الحمد في قصائدهم
للطغاة.

في السجن
كنا نبحث في وجوه بعضنا
عن ملامح البلاد،
كنا نخط بنظراتنا على ظهور
بعضنا
القصائد الحالمة،
كتبت دواوين لا أذكرها
بأقلام الدموع
على صفحات الملح.

في السجن
كنا نرسم السلالم العالية
على الجدران
بريقنا،
ثم نغمض عيوننا ونصعد،
فنرى
بلادًا تنكرت
بلادا لا تعرفنا،
لكننا عن ظهر قلب نعرفها
تحفظ أرصفتها أقدامنا
ولا تجفل جفوننا كل ليلة إلا
إن وضعنا أسفل رؤوسنا
خرائطها.

في السجن
كان الصمت يشقق شفاهنا
فتخرج منها
أناشيد البلاد،
كان الحزن يمزق صدورنا
فيطير منها حمام
كنا جمعناه من أبراج الثورة.

في السجن
أغان تجف على أحبال الصوت
أناشيد تقبرها الحناجر
سنوات تتكفن بالشيب
وحرية تنبت
حرية تزهر
حرية لن يعرفها إلا
من أدرك أنه رغم هرولته في البلاد
-البلاد التي تنكرت لنا
لكننا نعبدها-
أنه مسجون داخل جسده
وأن سجاننا ليلا
بينما تنغص نومه قصائدنا
يحسدنا؛
لأننا سجنه!

 

تعليق عبر الفيس بوك