خلفان الطوقي
يحتفل العُمانيون، اليوم، 18 نوفمبر بالعيد الوطني الثامن والأربعين المجيد في كل أنحاء السلطنة وخارجها، خلف القيادة الحكيمة لجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه وأطال في عمره- باني نهضة عُمان العصرية، يحتفلون بهذا التاريخ المبارك، وتكتملُ فرحتهم برعايته -أيَّده الله- للحفل السنوي الذي سيُقام على الميدان العسكري للحرس السلطاني العماني، وبطلِّته المُبشرة بالأمل والخير الوفير، وكلٌّ منا يُعبِّر بطريقته الخاصة -من مؤسسات وأفراد- عن مشاعر الولاء والعرفان احتفالًا بهذه المناسبة الغالية على كل محبٍّ لهذا الوطن الكريم؛ فمنهم من يُزيِّن سيارته، ومنهم من يؤلِّف قصيدة وطنية أو يُطلق أغنية فلكلورية، ومنهم من يُعلن عن تخفضيات تجارية من خلال مؤسسته أو إطلاق مسابقة مُعيَّنة بهذه المناسبة التي تحمل ذكرى جميلة لا تنسى؛ ومنهم من يشارك في مسيرة تشق مسارا يتم تحديده للمشاركين، ومنهم من يزين منزله بصور سلطان البلاد المفدى وأعلام عُمان في كلِّ زوايا منزله، وهناك من يُوزِّع الحلوى العمانية أينما حلَّ، أو يُوزع الوشاحات بين أحبابه وزملائه.. وغيرها من الصور الوطنية المُعبِّرة، التي يتفانى الجميع في التعبير عنها حسب اجتهاده ومُخيلته وأفكاره، وعادةً ما تستمرُّ طوال شهر نوفمبر من بدايته إلى نهايته.
كلُّ هذه الصور تعبِّر عن حُب عُمان وحُب أهل عُمان لسلطانهم الذي أحبَّهم فأحبُّوه، لكن حُبَّ عُمان لا يقف عند هذا الشهر فقط، أو عند هذه الصُّور فقط؛ لذلك يُمكن أن نسمي ما يحصل في شهر نوفمبر بالصُّوَر الجمالية للاحتفالات بالمناسبات الوطنية، لكنَّ "حُب عُمان" مستمرٌّ وباقٍ في كل يوم من أيام السنة؛ فحُب عُمان ينعكس في كلِّ ما نقوم به تجاه وطننا الذي لم يبخل علينا يوما، ربما مظاهر الاحتفالات تكون في عدة أيام، لكنَّ التعبير عن عشق المواطن لبلده يكُون في كل يوم، ويكون بصُوَر كثيرة كالمثابرة على الإنجاز والتفاني في المحافظة على المكاسب التي تحقَّقت لبلدنا، كتقديم دعم توجيهي لمن يحتاجه ممن هم أقل حظًّا من غيرهم، كالقيام بتطوير الخدمة المقدَّمة للمواطنين والمقيمين والزوار وتقديمها بشكل أفضل، بالعمل بشكل فردي أو جماعي بكل ما يرفع من مكانة عُمان إقليميًّا ودوليًّا، والعمل على تطوير التشريعات والقوانين والإجراءات لتكُون عصريَّة وديناميكيَّة تتناسب ومتغيرات العالم؛ مما يجعل بلدنا مُنَافسا شرسا وحاضرا قويا للعمل المناسب أو العيش الكريم أو الاستثمار الجاذب، أن نكون خيرَ سفراء وأن نحمِّل أنفسنا مسؤولية عظيمة بأنْ نُمثل بلدا عظيما كعُمان، وهذه مُجرد أمثلة قليلة من كثير.
وكلٌّ منا يُمكن له أن يتجاوز حُبُّه لعُمان حدود الكلمات والأشعار والشعارات المثالية، ليكون بالسلوكيات اليومية، والأفعال التي تبقِي أثرًا طيبًا يعمُّ أكبر رقعة مجتمعية محيطة بنا، لتعُم الفائدة الأجيال الحاضرة والمستقبلية؛ فحُب عُمان غير محصُور بمكان أو رتبة أو صاحب وظيفة أو عُمر معين؛ فيُمكن أن تقوم به في بيتك من خلال التوعية العائلية، أو الشارع بالمحافظة على آدابه، أو في المسجد ليكون منصة توعوية هادفة، أو المكتب عن طريق تطوير أساليب العمل والأداء؛ لذلك يبقى حُب عُمان ليس حصرا على أحد، لا بطريقته أو بصور معينة، أو مكان دون غيره؛ لذلك نرى أن هناك 1000، بل مليون طريقة يُمكن من خلالها أن نعكس -أنا وأنت، وكل من يقرأ هذا المقال- حبَّنا أو عشقنا لهذا التراب المبارك، وليكن احتفالنا غير مقتصر على نوفمبر المجيد، لكن يوميًّا، وبآلاف الصور والطرق على تحافظ وتُعلي من شأن عماننا الحبيبة، وليتجاوز حُبنا الأقوال، وليكن بالأفعال المشرفة التي تترك ديمومة الأثر الطيب.