يوسف بن حمد البلوشي
إن من التحولات الهامة المأمولة في المرحلة القادمة تغيير بعض القناعات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية على مستوى أفراد المجتمع، فالثقافة الملازمة للاعتماد المفرط على الحكومة باعتبارها المعني الوحيد بالتشغيل والاستثمار وتقديم الخدمات لن تحرك ساكناً في المستقبل الذي أساسه الحراك الاقتصادي والاجتماعي المنتج، وعلينا أن نقبل – إذا ما نظرنا حولنا- أن من سيخدم عُمان في المستقبل هم فئات الإنتاج مثل: المزارعين، والصيادين، وعمال المصانع، ورواد الأعمال، وبمعنى أدق القادرون على توفير فرص العمل لأبناء هذا الوطن.
المستقبل سيكون حكراً على من يؤمن بالابتكار والاستثمار والإنتاج والتصدير. وليس لمن يعمل في الأجهزة الحكومية أياً كان موقعه فيها، منتظرا دخلا شهريا محددا يربطه بالولاء لجهة العمل، ويربط مستقبله بإيرادات الحكومة المتأتية غالبًا من النفط الذي لا نتحكم بسعره أو كمياته ولا حتى تكنولوجيا التعامل معه.
إنَّ المستقبل يستوجب الابتكار والتغيير الحقيقي من قبلنا لخريطة ميدان العمل، وليس في ذلك تخلٍ عن القطاع الحكومي الذي يُمكن أن يستوعب أكثر مما نتوقع من العمانيات ليعملن في كل مواقعه، في حين ننطلق نحن لميدان الابتكار والإنتاج، وهنّ شريكات معنا فيه، وبذلك نحفظ لهن حق العمل في وظائف تتناسب وخصوصيتنا العُمانية، ونتكامل في محركات الإنتاج لمستقبل يجب أن نتجهز لمتطلباته قبل أن يجهز هو على طموحاتنا في التنمية والازدهار.
لكل زمان دولة ورجال، وقد استحقت الأجيال السابقة التقدير لما ساهموا به لخدمة هذا الوطن ورفعته وما وصل إليه اليوم من تقدم واستقرار، في حين أن الدور القادم على الجيل الحالي ليُواصل المسيرة ويرتقي بهذا الوطن إلى آفاق أوسع وأرحب من التنمية. ولا يخفى علينا جميعًا أن المستقبل يتسم بدرجة عالية من عدم اليقين ومتغيرات متسارعة تحركها قوى سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية متنوعة، والاستعداد لها لن يكون إلا بصناعة المستقبل الذي نصبوا إليه والذي لن يتأتى لنا أو لغيرنا بثقافة الاتكالية والاعتماد على الغير، وإنما بقيم العمل والإنتاج والريادة.. يقول الله عز وجل "إن الله لا يُغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"، والمستقبل أمامنا، والفرص بين أيدينا، فماذا ننتظر؟!