مرحلة جديدة لـ"الكالتشيو الإيطالي"

 

حسين الغافري

مرّت الكرة الإيطالية قبل ما يزيد على عشر سنوات بمرحلة اقتصادية صعبة، أنتجت تغييرات جوهرية تضرَّرت منها المستديرة ومحيطها بشكل واضح. أهم العوامل التي قادت الكرة في إيطاليا إلى هذا الضرر هو العامل الاقتصادي الصعب الذي أسهم في غياب الدوري الإيطالي عن الأضواء "نسبيًّا" أكثر من غيره، لعوامل كثيرة منها: أن الأندية ضعفت إيراداتها كثيراً وانخفضت السيولة التي كانت تأتيها من الحضور الجماهيري، إذا ما علمنا أن الأندية تشترك في ملاعبها ولا تمتلكها امتلاكا كُليا مثلما يحدث في البطولات الأوروبية الأخرى؛ منها: الإنجليزي والألماني والإسباني. السيولة انخفضت كذلك من دعم المُلاّك. فما كان يدفع سابقا من رواتب وتعاقدات تقلص إلى أدنى مستوياته، وفي بعض الفترات اختفى بشكل كُلي، وهي نظرة لربما تُفسر أن محفز الاستثمار بالأندية لم يعد مفيداً لهم، كما كان في ذلك الوقت الذي يعاني منه ليس اقتصاد إيطاليا فحسب وإنما العالم أجمع.

تراجع العامل الاقتصادي ليس المُلام وحده. البطولة واجهت عاصفة حادة جراء الفضيحة التحكيمية الكبيرة أو ما سميت "كالتشيو بولي" التي كانت معول تشويه للتاريخ الكبير لبطولة عريقة. كلها أسباب قادت إلى خلق هذه الأزمة، وهو ما أعقبه رحيل غالبية النجوم المتواجدين في الدوري خصوصاً يوفنتوس والإنتر وميلان. وخسارة مقعد أوروبي رابع لصالح ألمانيا في بطولة دوري أبطال أوروبا. أما اليوم فالعودة تسير في الطريق الصحيح، ويمكن ضرب المثل بنادي يوفنتوس الذي يعد أكثر الأندية توازناً من حيث الاستقرار المالي والإداري، إضافة للتخطيط المميز المدروس أكثر من بقية الأندية. يوفنتوس النادي الوحيد الذي بنى ملعباً خاصاً به، مما يعني أن مدخولات التذاكر وتأجير الملعب تعود إلى خزينته، أضف إلى ذلك توجهات كثير من أندية القارة العجوز نحو تسمية الملعب لجهة معينة نظير تعاقد مالي محدد، وهو ما يمكن أن يكون مفيدا لو أراد يوفنتوس ذلك. أيضاً حضور ميلان وإنتر والاستثمارات الآسيوية التي دخلت في مدينة ميلانو، تجعلنا على ثقة بأن النهوض التدريجي متوقع خلال الأعوام المقبلة. إنتر -بشكل خاص- تتواجد به استثمارات كبيرة أقدم عليها في سبيل منافسته المحلية وحضوره الأوروبي، وهو ما سيمنح الدوري متنفسا تنافسيا بحاجة إليه. كذلك حضور روما المهم ومعه نابولي، اللذين بنظري كانا المتعة الحقيقية في منافسه يوفنتوس على البطولة المحلية خلال السبعة مواسم الماضية. رغم أن منافستهم كانت ناعمة، إلا أنها على أقل تقدير ضرورية من أجل المشاهد خصوصاً.

من وجهة نظري، أعتقد أننا مع موسم كبير في إيطاليا وتحقيق الإنتر سابع انتصار له ومطاردته مع نابولي للسيدة العجوز يوفنتوس سيضاعف من الحماس والتشويق، ولكن في المقابل فإن اليوفي يسير بخطوات ثابتة محليًّا؛ فهو الفريق الأكثر استقرارا والأكثر جاهزية، أيضاً أكثرهم جودة فنية وبدلاء من طراز رفيع. اليوفي همّه الآن مواصلة إحكام قبضته الحديدية على الدوري وهو موضوع لا أعتقد أنه سيواجه صعوبة في إنهائه -كالعادة- والهمّ الأكبر البطولة الأوروبية التي خسر النهائي فيها ثلاث مرات في آخر أربعة مواسم، مرة أمام برشلونة 2015 ومرتان أمام ريال مدريد 2016 و2018.