صالات الأفراح والمناسبات

سيف المعمري

لم تعُد إقامة الأفراح والمناسبات الاجتماعية كما كانت عليه في الماضي؛ حيث كان صاحب المناسبة يستشير جيرانه ومن حوله، ويشركهم في اختيار مكان وزمان تنظيم المناسبة، ويتعاضدون ويتعاونون جميعًا في ذلك، لكن اليوم أخذت إقامة المناسبات منحًى آخر؛ فأصبح الكثير منها يُشكل إزعاجًا وقلقًا، ويقض مضاجع الكثير من الأسر، وفيهم المريض وكبير السن.

وفي ظل غياب أيِّ تنظيم لمواقع صالات الأفراح والمناسبات، وعدم وجود ضوابط محددة لتنظيم الحفلات الاجتماعية، تتصاعد أصواتُ الكثير من أبناء المجتمع مُطَالِبة بوقف الإزعاج الذي يُصَاحب إقامة حفلات الأعراس على وجه التحديد، وتتمثل مصادر الإزعاج في عدم ملاءمة المواقع التي تقام فيها صالات الأفراح والمناسبات والتي يتوسطُ الكثير منها عددًا من المخططات السكنية، وتُحيط بها المنازل من كل الاتجاهات، كما أنَّ الكثير من تلك الصالات لا توجد بها مواقف كافية للسيارات؛ مما يدفع بالكثير من المدعوين للعرس إلى الوقوف لساعات طويلة أمام المنازل التي تحيط بالصالة؛ الأمر الذي يُضاعِف من إزعاج القاطنين لتلك المنازل، ويجبرونهم على عدم إمكانية مغادرة منازلهم إن حدث أي طارئ يستدعي مغادرة المنزل لنقل مريض أو أي وجهة أخرى.

أما مصدر الإزعاج الآخر، فيتمثل فيما تشهده معظم تلك الأعراس من تنصيب مُكبِّرات الصوت وأجهزة التسجيل التي تصدح بالموسيقى والأغاني، والتي لا تراعي راحة السكان في المنطقة التي توجد فيها الصالات، وقد تمتد تلك الأصوات لعدة ساعات من بعد مغيب الشمس وحتى ساعات متأخرة من الليل، في ظلِّ عدم وجود ضوابط زمنية لبداية ونهاية حفلات الأعراس، ناهيك عما يُصاحب تلك الأعراس من اصطفاف لعشرات السيارات للمشاركة فيما يعرف بـ"الزفة"، والتي يحدث في معظمهما إرباكٌ للحركة المرورية، وإشاغلٌ لدوريات شرطة المرور بتنظيم السير.

لذا؛ أصبحت ظاهرة انتشار صالات الأفراح والمناسبات في الأحياء السكنية تشكل أرقا للسكان، ويتطلب ذلك وقفة جادة وفورية من قبل الجهات ذات العلاقة، والمتعلقة بتحديد ضوابط حازمة للتصاريح التي تُمنح لإقامة صالات الأفراح والمناسبات، وعلى وزارة التنمية الاجتماعية وبالتعاون مع مكاتب أصحاب السعادة الولاة، ومع المجالس البلدية في المحافظات، والجهات ذات العلاقة، وضع ضوابط صارمة لتحديد ساعات محددة لبداية ونهاية حفلات الأعراس، وما يصاحبها من مظاهر الفرحة، بحيث تكون محقِّقة للمصلحة العامة، وتكون مُنصِفة لأهل المناسبة، وكذلك للسكان القاطنين بالقرب من تلك الصالات، وإنْ لزم الأمر فيمكن تكييف جميع تلك الممارسات سالفة الذكر، مع ما نصت عليه المادة (294) من قانون الجزاء الصادر بموجب المرسوم السلطاني السامي رقم 7/2018 بتاريخ 14 يناير 2018م؛ والناصَّة على: ﻳﻌﺎﻗﺐ ﺑﺎﻟﺴﺠﻦ مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على 3 أشهر، وبغرامة لا تقل عن 100 ريال عماني ولا تزيد على 300 ريال عماني، أﻭ ﺑإﺣﺪﻯ ﻫﺎتين العقوبتين كل من أقلق الراحة العامة أو الطمأنينة بالصياح والضوضاء بدون داع، أو باستعمال آلة أو وسيلة أخرى يمكن أن تزعج الغير، أو تُحْدِث التشويش في راحتهم.

وبوركت الأيادي المخلصة التي تبني عُمان بصمت...،