جذورُ الطينْ


وسام عبد الحق العاني | باريس
* النص الفائز بجائزة عبد الرزاق عبدالواحد
.........................
نَفْسٌ بشرنقةِ اغْترابٍ عالِقَهْ
تَرْنو إلى وطنٍ بقَبْضةِ مَشْنقَهْ
 //
كالظلِ تهربُ من هَجيرِ غيابِها
لِتَلُوذَ في أَحضانهِ وتُعانقَهْ
//
حوريةٌ طالَ انْتظارُ أميرِها
فهَوَتْ على جُرفِ الخُرافةِ مُرهقَهْ
 //
تركَتْ جذورَ الطينِ في قَسَماتِها
لِتَظلَّ في الأرضِ الغريبةِ مُورِقَهْ
 //
هِيَ والعراقُ مُهاجِرانِ تَقاسَما
ذُلَّ المَنافِـــيَ والحدودِ المُغْلقَهْ
 //
بالسرِّ يلْتَقِيانِ تحتَ قصيدةٍ
تَمشي لِحَضْرتِها القوافيَ مُطرقَهْ
 //
شَرْخانِ في جسَدِ الخريطةِ فيهما
البوحُ أخرسُ والمَواجعُ ناطِقَهْ
 //
يَتباعدانِ وللْمدامعِ نزفُها
ما ينزفُ المسمارُ تحت المِطرقَهْ
 //
منْ كانَ جذراً في العراقِ فحَظُّهُ
كُلُّ البلادِ على فُروعِهِ ضَيّقَهْ
 //
أَعِراقُ منْ يَلغي المسافةَ بينَنا؟
ويُعيدُ للطينِ المُهاجرِ روْنَقَهْ
 //
أشتاقُ يا ويحَ اشْتياقيَ إنْ بَدا
طيفاً .. على ورقِ القصيدةِ أحْرَقَهْ
 //
أنَا زورقٌ ملَّ الرُقودَ بجُرفِهِ
فَمَتى سيحضُنُ موجُ شطِّكَ زورقَهْ
 //
وأَنا العراقيُّ الذي أحزانهُ
منْ قبلِ بابلَ في أَساكَ مُعلّقهْ
 //
ودَمٌ حُسينيٌّ يُعفِّرُ أحْرُفي
فَتَرى القصائدَ في المَواجعِ غارقَهْ
 //
ما للنوازلِ تشتهيكَ؟ أَمَا لَها
يا أوّلَ الدنيا سواكَ لِتَحْرقَهْ؟
 //
تَرَكَتْكَ كالصقرِ الجريحِ وحولَهُ
أسرابُ غربانٍ تحلّقُ ناعقهْ
 //
للخوفِ غاباتٌ بأرضِكَ عمّرتْ
ويَداكَ في قَيْدِ الفَجيعةِ مُوْثَقَهْ
 //
وتبعثرتْ أَزهى قوافلِ عُمرِنا
صُحُفاً عَلى دربِ اللّجوءِ مُمَزّقَهْ
//
ويْحَ الخيانةِ وهْيَ تغرزُ نصلَها
وتقيمُ للشرفِ الرفيعِ مَشانِقَهْ
 //
لا ضوءَ في نفقِ العراقِ وبعضُهُ
يختارُ في صفِّ الأعاجِمِ خندقَهْ
 //
قُمْ يا كبيرُ ورُدَّها .. فَإِلى متى
للغدرِ كفٌّ في فضائِكَ مُطْلَقهْ؟
 //
جزعتْ دروبُكَ منْ نزيفِ صغارِنا
ظلماً ولم تتعبْ نصالُ التفرقهْ
 //
قُمْ رُدَّنا صوبَ الفراتِ سَنابلاً
خُضراً تُعانقُ في جبالِكَ زنبقهْ
 
قُمْ رُدَّ للعَرَبيّ سمتَ عقالِهِ
ولسيفِ عنترةَ القديمِ تألّقَهْ
 //
لِتعودَ عَبْلةُ في القبيلةِ حُرّةً
بجَدائلٍ بين السحابِ مُحلِّقهْ
 //
وتعودَ بغدادُ الجمالِ مَجرّةً
تزدانُ في يدِها الكواكبُ مُشرقهْ
 //
سأظلُّ أرقبُ من سحابِكَ واثقاً
برقاً يُحضِّرُ للقيامةِ بيْرَقَهْ

 

 

تعليق عبر الفيس بوك