المعتصم البوسعيدي
بعد انتهاء مونديال روسيا وما حمله من صياغة جديدة لقوى الكرة العالمية، بات هناك سباق محموم بين منتخبات الصف الأول نحو البحث عن ذاتها الرفيعة التي كانت يوماً من الأيام لا يمكن الحديث عنها إلا وهي منافسة على أكبر البطولات وأقواها، كما هناك بحث عن الذات على مستوى المنتخبات الأخرى في كل قارات العالم.
يأتي المنتخب الإيطالي في طليعة المنتخبات الباحثة عن ذاتها، لكن البداية ــ على ما يبدو ــ ليست كما يشتهي ربانه الجديد مانشيني بالرغم من حالة التفاؤل التي أشعل جذوتها عودة الأضواء إلى الدوري الإيطالي؛ حيث الثوب الجديد للسيدة العجوز، وعودة الروح ــ على أقل تقدير ــ لقطبي ميلان، مع استقواء ذئاب روما يوماً بعد يوم، وسماع صدى صوت نابولي ماردونا بقيادة المحنك أنشلوتي، فهل ستنجح رحلة البحث للأزوري؟!.
من المنتخبات التائهة كثيراً والباحثة عن ذاتها منتخب هولندا، مصدر اللعب الجماعي "والتيكي تاكا" والذي يُعاني منذ عهد من ذبول نجومه، وتوقف طواحينه، فيما يسعى المنتخب الإسباني بقيادة "كتلونية" لعودةٍ مظفرة، خاصة مع سيطرة أنديته على البطولات الأوروبية والعالمية، وامتلاكه الأسماء الشابة الموهوبة كإيسكو واسنسيو مع خليط الخبرة بقيادة سيرجيو راموس ورمانة الميزان بوسكيتس، فيما تسعى الماكينات الألمانية للدوران من جديد وهو أمر مراهن عليه مع العقلية الثابتة والنهج الواضح للكرة الألمانية التي لا تُحركها العواطف ولا تزعزها النتائج بنزق ردة الفعل السريع، إنما توجد حلول سريعة وبطريقة ناجحة.
في أمريكا الجنوبية تبدو البرازيل على خطى جيدة، ومدربها استفاد من درس المونديال؛ فقد صرح بانتفاء معنى الفوز في المباريات الودية طالما يتبعها سقوط في الاختبارات الحقيقية ويبدو أنَّ الأسماء الجديدة ستقدم الإضافة المطلوبة للسامبا، أما الأرجنتين فعليها أن تبحث عن ذاتها بدون ميسي الذي يُريد التركيز مع ناديه وترك أمر إصلاح المنتخب بعيداً عنه، وأعتقد هذا أفضل للإثنين، ولا أظن أن الأرجنتين ستستطيع المزاحمة على القمة على المدى المنظور، إنما لكرة القدم أحكامها الخاصة.
في الشأن العربي هناك نور أمل يبزغ مع منتخبات العرب الأفريقية، فمصر تود استعادة عافيتها بعد هزائم المونديال وإشكاليات محمد صلاح مع الاتحاد الوطني، والمغرب تسعى لاستثمار الأداء المونديالي الجيد بعيداً عن النتائج، كما تعمل تونس على ذات النهج، فيما ينتظر العرب من الجزائر عودة التألق والنجومية، أما عرب آسيا فيستعدون للمونديال الآسيوي وليس هناك ما يسر كثيرا إلا فيما يملكه المنتخب السعودي من حظوظ، على أن ما يحدث في الكرة السعودية سينظر إنعاكسه إيجاباً أو سلباً في الإمارات عام 2019م.
البحث عن الذات عنوان بارز ــ أيضاً ــ لمنتخبنا الوطني، الذي كسب ود جماهيره من خلال إحرازه بطولة كأس الخليج الأخيرة، وعليه الآن التقدم بخطى ثابتة على المستوى القاري وإثبات ذاته وتحقيق ما لم يستطيع تحقيقه خلال مشاركاته السابقة بتعدي دور المجموعات أولاً ثم المنافسة على الأدوار المتقدمة، غير ذلك فنحن قُدر علينا أن نندب حظنا العاثر، وسوء إدارة الرياضة في وطن يستحق تقلد المعدن النفيس على مستوى كل الرياضات وكرة القدم على وجه الخصوص.