المدارس.. عام جديد وتحد قديم

مسعود الحمداني
 

 (1)
مئات الآلآف من الطلاب والطالبات يتوجهون اليوم إلى مدارسهم، يسوقون الأمل أمامهم، وفي عيونهم يحملون المستقبل، وبين هذا وذاك طريق شاق وعسير، يصل طوله إلى اثني عشر عاما من الجهد والمثابرة، قطع البعض نصفه، وقطع آخرون جُلّه، ووضع الصغار أول خطواتهم على دربه، وفي كل مرحلة منه عليهم التغلب على الصعوبات التي تعترضهم، ليصلوا في النهاية إلى مفترق طريق، فإما إلى مواصلة مشوار التعليم الجامعي أو المهني، وإما إلى سوق العمل، وإما إلى الشارع.. فليختر كل طالب طريقه الذي يريد.
(2)
توجهت قبل أيام إلى إحدى المدارس الحكومية لإتمام عملية نقل ابنتي من مدرسة خاصة إلى تلك المدرسة، وبعد تأكيد عملية النقل، وجَّهتني الإدارية إلى ضرورة شراء "شعار" المدرسة لتعليقه على ملابس الطالبة!! وهو إجراء لم نعتد عليه في مثل هذه المدارس، إلا أنَّ الإدارية أكدت لي أنه إجراء معتمد من وزارة التربية والتعليم، وأن ثمن كل شعار يصل إلى ريال، اشتريته حتى لا أدخل في جدال عقيم، ولكني كنتُ أتساءل: هل هو إجراء قانوني استثنائي للمدرسة، أم أنه تصرف فردي؟
هذا أول غيث الطلبات (ما قبل الدراسة)، فما بالك بطلبات الدراسة اللاحقة..... الله يعين.
(3)
هناك الكثير من المشاكل التي تواجه الطلاب والطالبات، والتي تحدث في المدارس الحكومية، ولا تنكرها وزارة التربية والتعليم؛ منها: تسيُّب المعلمين، وتسرُّب الطلاب، وعدم متابعة الأسر لأبنائها، والسلوكيات غير السويّة التي تحدث في أروقة المدارس، وغير ذلك مما لا يخفي على التربويين والعارفين.
ولا شك أنَّ إدارة المدرسة يقع عليها العبء الأكبر في رصد هذه الحالات، وحصرها، وحصارها في مهدها قبل أن تكبر وتتحوّل إلى سلوك مدرسي عام، ولكن على وزارة التربية والتعليم أن تطلق يدي الإدارة لبسط نفوذها على الطلاب المسيئين، وعلى بعض المعلمين الذين لا يحترمون مهنتهم؛ فالإجراءات الإدارية الحالية غير كافية، وأسلوب التسامح اللامحدود لا يجدي نفعا في التربية ولا في التعليم، خاصة في هذا الزمن الذي لم يعد البعض فيه يفرِّق بين السلوك السويّ وغيره.
(4)
هُناك أكثر من حالة دهس واختناق حدثتْ في السنوات الماضية لطلاب في عمر الزهور، وكانت فواجع هزَّت المجتمع بسبب إهمال سائق، أو عدم وجود مشرفة، أو عدم وجود أدنى قواعد السلامة في الحافلات.. وهذه دروس يجب أن لا تمر مرور الكرام على وزارة التربية والتعليم، ولا على شرطة عُمان السلطانية؛ حيث يجب أن يكون هناك فحص دوري للحافلات التي تقل الطلاب، وأن يشترط فيها عناصر سلامة عملية وواضحة، وأن يخضع سائق الحافلة المدرسية إلى اختبارات خاصة في كيفية التصرف في الحالات الطارئة، وأن يكون قبل كل ذلك حسن السيرة والسلوك، وأن يكون ذا سجل خالٍ من المخالفات المرورية الجسيمة، وأن لا تتم عملية "التوظيف المؤقت للسائقين" بشكل عشوائي أو متساهل كما هو الوضع حاليا.
(5)
هُنَاك الكثير من النقاط التي تتعلق بالدراسة والمدرسة، والتي تتكرر كل عام؛ منها ما يتعلق بالإدارة والبيئة المدرسية، ومنها ما يتعلق بالمدرسين والمدرسات، وأخرى تتعلق بالكتب الدراسية، وأساليب التعلم، والمدارس الخاصة، والمقاصف، وما يتعلق بمشاكل الطلاب أنفسهم، وما يتعلق بأولياء الأمور.. أمور كثيرة ومتشعبة تحتاج إلى مقالات ومقالات، وقبل ذلك تحتاج إلى نظرة فاحصة وحازمة من وزارة التربية والتعليم، مع كل التقدير والامتنان لجهودها.. فهي مسؤولية ثقيلة ولا شك.
نتمنَّى لأبنائنا الطلاب والطالبات وللهيئات التدريسية التوفيق في تحدياتهم اليومية، وعاما مليئا بالنجاح والإنجازات إن شاء الله.

Samawat2004@live.com