مطار الدقم.. تنمية لوجستية

فايزة الكلبانية

 

يُوَاصِل المسؤولون عن القطاع اللوجستي تحقيقَ إنجازات على صَعِيد تهيئة البنية الأساسية، وتمهيد الأرض لنقلة لوجستية نوعية، تنطلقُ من خلال السلطنة نحو آفاق أرحب من التميز وبما يدعم النمو الاقتصادي. ومع التشغيل التجاري المرتقب لمطار الدقم، نكُون قد قطعنا بالفعل شوطا مهما في جهود استكمال مشاريع البنية الأساسية بالمنطقة الاقتصادية بالدقم.

فالمطار يُمثل منجزا يبرهن على عبقرية التفكير الإستراتيجي لوزارة النقل والاتصالات؛ إذ لا تألو أي جهد من أجل تطوير مختلف القطاعات الاقتصادية المسؤولة عنها، وهي جهود مقدرة وملموسة، سواء في القطاع اللوجستي أو الطيران أو الطرق، وأيضا الموانئ والاتصالات.

ومع ترقبنا جميعا ليوم السابع عشر من سبتمبر المقبل، فإنَّ قطاعات الطيران المدني والنقل واللوجستيات بالمنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم على موعد مع نقلة نوعية، حيث إنَّ من شأن المطار أن يدعم نمو الحركة الاقتصادية وانتعاشها بعد التشغيل، علاوة على تسهيل الحركة من وإلى الدقم، والتي يعول عليها كثيرا لكي تكون بوابة السلطنة الإستراتيجية في السنوات القليلة المقبلة.

والأمر لا يتوقف فقط عند الجانب الاقتصادي، بل إنَّ القطاع السياحي أيضا سيحقق استفادة كبيرة من هذا المطار، بفضل ما تزخر به الدقم من منشآت فندقية وشواطئ، والتي ستسهم بدور مميز في تنمية الحركة السياحية، لاسيما في موسم الشتاء الذي تتميز فيه السلطنة ببرودة معتدلة وطقس رائع مناسب للسياحة.

ووفقا لما جاء في بيان وزارة النقل والاتصالات، فإنَّه قد تم تصميم مطار الدقم وفق أحدث المواصفات الهندسية العالمية المعمول بها في عالم المطارات، وقد تمَّ تزويده بأنظمة حديثة في مجالات الاتصالات وتقنية المعلومات وأنظمة المراقبة الأمنية والأجهزة الخاصة بالملاحة والأرصاد الجوية؛ مما يُؤهله للتعامل مع مختلف الرحلات القادمة؛ سواءً الداخلية أو الدولية. وتبلغ مساحة البناء الإجمالية لمبنى المسافرين والمرافق الخدمية 27386 مترا مربعا؛ منها: 9614 مترا مربعا خاصة بمبنى المسافرين، الذي تقدر طاقته الاستيعابية بنصف مليون مسافر سنويًّا، مع إمكانية التوسع إلى مليوني مسافر سنويًّا.

إذن؛ نحن أمام صرح معماري مميز، وأيقونة متلألئة بين مطارات عُمان بشكل عام، وإضافة نوعية إلى المطارات في بلادنا، والتي تشهد جميعها تحوُّلات هائلة ومتقدمة، لاسيما بعد افتتاح مطار صلالة الجديد ومطار مسقط الدولي الجديد.

ومن هذا المنطلق، يجب أن تعمل مؤسسات الدولة الأخرى المعنية بالترويج للاستثمار على توظيف هذا المنجز الحضاري الجديد، الذي يضاف إلى سلسلة منجزات النهضة المباركة، والعمل على استقطاب استثمارات جديدة، بجانب ما هو قائم حاليا؛ الأمر الذي سيسهم في توفير مزيدٍ من فُرَص العمل لشبابنا، خاصة وأننا نرى الإنجازات الحكومية المتعلقة بتوظيف أعداد كبيرة من الباحثين عن عمل، منذ أن أعلنت الحكومة الرشيدة عن خطتها لتوظيف شبابنا الباحث عن لقمة عيش كريمة.

ولعلَّ ما يُثلج الصدر أن مثل هذه المشروعات تجد الاهتمام والعناية من جلالة السلطان المعظم -أيَّده الله وأطال في عمره- وهو ما يُبرهن على الاهتمام السامي الكبير بالتنمية الاقتصادية في البلاد، والعمل على إنجاز المشروعات في أسرع وقت مُمكن، رغم التحديات المالية التي تواجهها بلادنا، والتقلبات الاقتصادية والجيوسياسية من حولنا في المنطقة والعالم.

لذا؛ فإنَّ أمنيتي أضيفها لأمنيات كل عاشق لأرض هذا الوطن وساع لتطويره، بضرورة الارتقاء بمختلف القطاعات والمرافق فيه، فعلى صعيد الدقم نطمح جميعنا لاستقطاب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية لأرض المنطقة؛ لما تشهده اليوم من منجزات تؤلها لأن تكون وجهة سياحية واستثمارية عالمية، وأفضل مدينة عربية ذات يوم. فقد تضاعف في المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم عدد السكان من حوالي 6 آلاف إلى 12 ألفا بين عامي 2011 و2017، ولابد أن يكون اليوم في ازدياد أكثر في 2018، وذلك نتيجة للحراك الاقتصادي المتواصل، وإقامة عدد من المشاريع التي نأمل زيادتها في المرحلة المقبلة.

المؤكد الآن أن المنطقة الاقتصادية الخاصة بالدقم قادرة بما تتمتع به من مميزات وموقع إستراتيجي، على استقطاب أكبر عدد من المشاريع الاقتصادية، لكن يبقى أن نشد على أيدي المؤسسات المعنية بالتسويق والترويج عالميا وإقليميا للاستثمار بالمنطقة، وكُلي أمل ألا يمضي عام 2018 إلا وقد تم توقيع اتفاقية استثمارية أو عقد لمشروع ضخم يكشف عن تدفقات جديدة للاستثمار الأجنبي المباشر، ليفتح المجال أمام فرص عمل متنوعة لشبابنا التوَّاق للعمل في مختلف القطاعات.