نزيف الطرق.. مسؤولية مشتركة

سيف المعمري

 

الحديث عن طريق أدم-ثمريت يتجدَّد مع كل موسم خريف تشهده محافظة ظفار؛ حيث يشغل مسلسل الحوادث المرورية المفجعة -على الطريق- حديث المجالس في السلطنة ودول مجلس التعاون الخليجي، وكذلك منصات التواصل الاجتماعي؛ ففي مساء الثامن عشر من أغسطس الجاري غرَّدتُ على حسابي الشخصي على "تويتر" بسؤال: متى يتوقف نزيف الطرق؟ وقد ضمَّنت تغريدتي حصيلة الأخبار المؤلمة -من حساب شرطة عُمان السلطانية على تويتر- للحوادث المرورية التي وقعت على الطريق خلال الفترة من الثامن والعشرين من يوليو وحتى الثامن عشر من أغسطس، والتي بلغتْ 22 حالة وفاة لأسر من السلطنة، والسعودية، والإمارات، واليمن، إضافة إلى حادث مروري آخر لم يتم نشره على حساب الشرطة، نتج عنه وفاة 5 أشخاص لأسرة عُمانية، حسب ما ذكره بعض المتفاعلين مع التغريدة، وحادث آخر وقع ليلة عيد الأضحى المبارك نتج عنه وفاة 5 أشخاص، بينهم شابان من مدينة العين بدولة الإمارات، وثلاثة وفيات في ذات الحادث من جنسية آسيوية حسب ما تداولته وسائل التواصل الاجتماعي بعد تصادم مركبتين واحتراقهما قبل ولاية هيماء؛ لتكون حصيلة الحوادث المفجعة على طريق أدم-ثمريت حتى مساء العشرين من أغسطس الجاري 32 وفاة، خلال 23 يومًا فقط، وهي إحصائية ليست قليلة، وتتطلب تشخيص أسبابها الموضوعية والحلول المثلى؛ للحد منها.

وبلغ عدد المشاهدين لتغريدتي ما يزيد على خمسة عشر ألف مشاهد، فيما تباينت آراؤهم في مسببات الحوادث المفجعة على طريق أدم-ثمريت، والتي ذهب الكثير منهم على أن عدم ازدواجية الطريق هو السبب في تلك الحوادث، وذهب طرف آخر في عدم تقيد بعض السائقين بالسرعات المحددة، وتجاوز القواعد المرورية والمتمثلة في التجاوز الخاطئ، والتجاوز من أكتاف الطريق، والانشغال بالهواتف النقالة، وضعف التركيز في الطريق أثناء السياقة، ورأى البعض بأهمية تكثيف التوعية المرورية، بينما طالبَ آخرون بأهمية وجود قطار يربط محافظة ظفار بسائر محافظات السلطنة.

ومن باب الإنصاف للجميع، فإنني أُثمن عاليا الجهود المبذولة من كافة مؤسسات الدولة، خاصة وزارة النقل والاتصالات على سعيها المتواصل لرفع كفاءة الطرق بالسلطنة، والتي أصبحت إنجازاتها ماثلة للعيان، ونشيد بالجهود التي تقوم بها شرطة عُمان السلطانية في برامج التوعية المرورية المتعددة، إضافة لأجهزة ضبط السرعة والتي يعزى إليها ضبط الكثير من المخالفين، وهي أحدى الأدوات المثلى للتقليل من السرعات الجنونية من البعض.

ومع تقديري لكل الآراء، فإنني أرى أن السائق هو السبب الرئيس فيما يحصل له أثناء القيادة؛ إذ إن قيادة المركبة مسؤولية جسيمة تتطلب من كل سائق أن يكون حاضر الذهن والتركيز، وأن يكون يقظا من كل مفاجآت الطريق، ومن أخطاء الآخرين، وإن الانشغال بغير قيادة المركبة يزيد من احتمالية وقوع أخطاء؛ وبالتالي وقوع حوادث مرورية التي يزيد من نسبة جسامتها وإضراراها كلما زادت الحركة المرورية في أي طريق معين؛ سواء كان طريقًا مفردا أو مزدوجا.

أما فيما يتعلق بطريق أدم-ثمريت الحالي، فهو طريق حديث ومصمم بمواصفات هندسية عالية الجودة، وإن كان البعض يرى أنه السبب الرئيس في وقوع الحوادث، فإنني أرى أن كل طريق تزيد فيه كثافة الحركة المرورية، فإن احتمالية وقوع الحوادث تزيد في الطريق المفرد، وتقل نسبيا إن كان طريقا مزدوجا، وفي كلاهما تقل الأخطاء والحوادث المرورية إن كان وعي السائقين مرتفعا بمخاطر الطريق واحترام قواعده، لكن بلا شك الطريق المزدوج سيقلل بشكل كبير جدا الحوادث المرورية المفجعة على طريق أدم-ثمريت.

وإن كان الطريق سيشهد نقلة نوعية مع الانتهاء من الازدواجية -التي يجري العمل فيها حاليا- من أدم إلى هيماء، فإن ما سيتبقى من ازدواجية طريق هيماء-ثمريت يتطلب تضافر الجهود من قبل مؤسسات القطاع الخاص والشركات في مناطق الامتياز كجزء من المسؤولية المجتمعية؛ لتقليل الحوادث، والتي تترك آثارا اقتصادية واجتماعية ونفسية مزمنة على الجميع.

وبوركت الأيادي المخلصة التي تبني عُمان بصمت...،

Saif5900@gmail.com