سعيد الصقلاوي – سلطنة عُمان
رئيس جمعية الكُتّاب والأدباء العُمانية
...................
نشرت عطرك في دمي و شرياني
فيا "ظفار" سكنت نبض وجداني
//
لو لا الهوى ما اتخذت الريح مركبتي
و لا احتملت اللظى ما بين أجفاني
//
و لا غرقت و عالي الشم تمنعني
من السقوط بموجات و قيعان
//
و لا قلقت و مثلي كله جلد
إن الحوادث تأتي دون حسبان
//
و لا أرقت من الهم الممض و لا
كابدت شوقي في سري و إعلاني
و لا تعبت ورا الأخبار أتبعها
في كل زاوية أو كل ميدان
//
و لا لجأت إلي العراف أسأله
عما اعترى خلدي أو ما تغشاني
//
و لا رجوت افتضاح الصبح يفصح لي
مما يعربد في أعماق كتماني
//
و لا فتَشْتُ خيوط الشمس في لهفٍٍ
عن الطيوف تعنّيني بإدمان
//
لكنه الحب في الأحشاء مصطخب
يا حبذا الحب من أنحاء "ريدان"
//
فللجمال احتفال في مرابعها
و عرس حلم على نجد و وديان
//
و للفنون اشتعال في مسارحها
و للينابيع فيها لحن عيدان
//
و للبحار اهتزاج في سواحلها
و للشموخ بريق فوق سمحان
//
و للطيور غناء المجد من قدم
و للنسيم أريج من شذا البان
//
تبارك الله جلاها و صورها
صنو الجنان و أهداها لإنسان
//
بنوك قد شيدوا من علمهم إرما
ما شادها قبل علم الإنس و الجان
//
للفن آيته، و السحر طلعته،
و الحسن غرته، صنيع فنان
//
جاء الفراعين "حتشبسوت" تقدمهم
في موكب من جلال القدر و الشان
//
الود مأملهم، و الصدق محملهم
حسن الخلائق إحسان بإحسان
//
شيسور" ألقى ضحاها فيض بهجته"
على المدائن فاختالت كنيسان
//
و" سمهرام" اشتهى النساك نفحتها
من "سومريٍ" و "آشوري" و كلداني
//
و "فارسيٍ" و "كوليٍ" بها فتنوا
و "بابليٍ" و "روماني" و "يوناني
//
صحائف بحميد الذكر ناطقة
يزهو بها زمن في إثر أزمان
//
فالمجد يعشقه صب به كلف
ما هاب نصل الردى أو سيل بركان
//
يا أخت "مسقط" في عز و في شمم
على الصخور أبيدت سطوة الجاني
//
و أخت "نزوى" فؤدا خفقه حدب
و صوت حق على بغيٍ و طغيان
//
و أخت "صور" مضاء و قده همم
ترنو له قمم، في أفق أكوان
//
أخت "صحار" التي في الدهر قد صمدت
كحصنها الصامد الآبراج صوان
//
و أخت "عبري" التي من قلبها انطلقت
جحافل النصر تمحو جذر عدوان
//
هاهم بنوك و عيون الله تحرسهم
للنجم معراجهم في هدي قرآن
//
ماضيهم قبس في صبح حاضرهم
يبنون في ثقة عزيز أركان
//
و يغرسون بذور الخير في حلم
قد طرزوه أحاسيسا بأوطان
//
و يلبسون عطول الدهر زينته
عقدا من الخلد، لا عقدا من الفاني
//
ينافسون السنا في فجر طلعته
و يغمرون الربى في جد إخوان
//
و يسبقون الصبا في طيب أردان
و ينثرون الندى في كل بستان
//
مهد النبيين لاحلت بها نوب
و لا تضعضع منها ركن بنيان
//
و لا تعاورها أنواء عاصفة
و لا تبدل منها رسم عنوان
//
و لا تناهبها أظفار حسدها
و لا تناهشها أنياب غيلان
//
يا من تغلغلت في روح و جثمان
و من تهللت في فكر و إيقان
//
و من ترسخت في وجدان وجداني
و من توهجت في أنصال فرسان
//
أنا العماني لا أرضى بخذلان
و لا حملتك إلا شمس برهان
//
و لا سكبتك إلا بين أجفاني
و لا جعلتك إلا در تبيان
//
و لا نقشتك إلا فوق شهبان
و لا اتخذت سوى الرحمن معوان
//
فالحر مذهبه زخات نوران
ملء الفضاء ضحى لا خيط دخان
//
عين مسهدة لا عين نومان
قلب يموج منى لا قلب غفلان
//
نفس مطهرة من كل شنآن
الحر شيمته إيفاء بلدان