في ربوع الوطن.. إلى جعلان

 

 

محمد بن حمد المسروري

 

لقد انتشرت برامج التنمية في ربوع السلطنة الحبيبة في كل أجزائها، شرقا وغربا، شمالا وجنوبا، لم تستثن منها قرية أو مدينة، ولاية أو محافظة، بل لامست (عروف) الرمال السافية التي تزحف بها الرياح شمالاً في الصيف، وجنوبا وغربا في الشتاء رغم قصر أيامه، وباشرت أعماق الأودية عبر كل جبل عنيد حتى أضحت العقاب الكأداء سلسة الولوج، وذللت حوافها وأرضياتها بفضل عزائم الرجال المُخلصين من أبناء الوطن العماني الأوفياء، على مختلف رتبهم ووظائفهم من الخفير إلى الوزير، من المخطط  إلى المنفذ كل في موقعه جنديا مخلصا وإن لم يرتد الكاكي.

توزعت برامج التنمية في أرجاء الوطن العُماني بداياتها ووسائلها، وغاياتها الإنسان أينما وجد وعلى أي أرض يقف، وأي نشاط يزاول، حرفيا، مزارعا، صيادا، مربي ماشية، عاملا بأجر أو صاحب أعمال، ينظر للمدرسة مشرعة أبوابها لكل طالب علم تتوسط حيه السكني، يجاورها المركز الصحي ثم المستشفى، وشرايين المياه تتدفق في باطن الأرض لتغذي المساكن بإكسير الحياة.

المصابيح الكهربائية لم تبارح الشوارع والطرقات المعبدة بين الدور السكنية بعد أن فرغت من إنارة المساكن. وغير ذلك الكثير من برامج التنمية الاجتماعية والدينية ووسائل الاتصال والتواصل بمختلف وسائل العصر، استفادة من الثورة الصناعية الهائلة في مجالات التواصل الإعلامي المقروءة والمسموعة والمرئية، وغير ذلك من أدوات العصر الحديث ووسائله.

إنّ برامج الطرق الحديثة المزدوجة التي تم الانتهاء منها مثل طريق الباطنة السريع الذي نقل فعلياً أكبر حركة مرورية بين أطراف سهل الباطنة وما اشتمل عليه من مواني ومناطق صناعية ومراكز لوجستية وربطها من ثم بالعاصمة بموانئها العتيدة ومطاراتها الدولية الحديثة التي اكتسبت سمعة دولية طيبة رغم قصر الفترة الزمنية منذ بدء التشغيل الفعلي لها، وطريق الشرقية السريع الجاري تنفيذه حالياً رغم ماواجهته الشركات المنفذة والجهات المشرفة من مشقة وعنت في مواجهة أكثر الصخور صلابة في مساره من ولاية بدبد في محافظة الداخلية مروراً بمحافظة شمال الشرقية ليصب على شواطئ ولاية صور في بحر عمان بمحافظة جنوب الشرقية، وتمتد منه دون ريب شرايين طرقية قائمة ومنها جار تنفيذه لربطه بمحافظات الداخلية والظاهرة، والوسطى، وظفار وإلى دول الجوار جنوبًا وغرباً وشمالا.

 ولتكتمل الفائدة من مشروع عملاق كهذا فإنَّ الأمر من وجهة نظر عدد من السكان في ثلاث ولايات من ولايات محافظة جنوب الشرقية ذات الكثافة السكانية العالية فيها وهي (الكامل والوافي، جعلان بني بوحسن، جعلان بني بوعلي) سيفيد هذه الولايات كثيراً إذا ماربطت من خلاله بشارع مزدوج من حارتين في مرحلته الأولى يمتد من جسر( طوي عائشة الراسبية) وينتهي بولاية جعلان بني بوعلي في خط مستقيم تغذي الولايات الثلاثة بأفرع منه نقلا للحركة المرورية الكثيفة حالياً التي تزدحم بها مدن الولايات الثلاث وما ترتب عليها من حواث مرورية شبه يومية مما تسبب في مواقف فاجعة في الأرواح والممتلكات، راح ضحيتها فتية في عمر الزهور كانت أماني آبائهم وأمهاتهم معقودة على جهود مساعيهم وإنتاجهم لإعانة أسرهم مادياً ومعنوياً، وابتسامة تملأ مُحياهم بشاشة عند استقبال أسرهم لهم وهم عائدون من مدرسة أو جامعة أو معهد إعداد لهم بغية ولوج سوق العمل بأفكاره المبتكرة وأساليبه  الحديثة المتعددة.

 يرى الأهالي هنا أنَّ الفائدة القصوى والأهم لهم وأبنائهم، إنما تكون في أبسط حلولها، في مد طريق مزدوج يربطهم ببعض ويجنبهم وأبناءهم مرارة الفراق الأبدي بسبب حوادث الطرق التي لم تسلم منها الآن كثير من الأسر في هذه الولايات، ونقل برامج التنمية الأخرى من خلاله منها أنشطة السياحة على شواطئ بحر العرب ذات الحرارة المنخفضة في فصل الصيف الطويل، ويقين جلهم أن الأمر لم يكن ليغيب عن نظر وفكر المعنيين بالأمر جميعهم في مراكز التخطيط أو سلطة التنفيذ،

وإنما وسيلة المنتظر التبليغ والإبلاغ والتذكير لكل الحريصين من أبناء عمان الأوفياء على مصلحة الوطن العماني، ويبقى المواطن على جمر الانتظار لتحقيق آماله وأحلامه في مد جسور التواصل بين أفراده بأقل شعور بالقلق، وتجفيف دموع الحسرات على مافات وما هو آت، الأرض ممهدة، لمد الطريق دون عوائق تذكر، والأنظار معلقة بالأيادي المخلصة التي ستمتد بإذن الله تعالى لمد هذا الطريق ورصفه مزدوجا.

والله الموفق والمعين..