تساؤلات مواطن حول الأزمة الاقتصادية الحالية

 

 خلفان الطوقي

تمر على الإنسان صعوبات وتحديات في الحياة، والعاقل هو من يتعلم من هذه التجارب، ويجعلها دورسًا مفيدة لأيامه القادمة، ويستخدم خبراته التراكمية ليتمكن من التأقلم والتعايش مع حياته اليومية والمستقبلية، ومثلما ينطبق ذلك على الفرد، فإنه ينطبق أيضًا على المؤسسات والمجتمعات والدول، ولأن عمان وباقي الدول الخليجية تمر بأزمة اقتصادية منذ أكثر من ثلاثة أعوام، فكان لابد لنا أن نقيم أو نتساءل عمَّا قامت به الأجهزة الحكومية من إجراءات وتأثير هذه الإجراءات سلباً أم إيجاباً. اقترح عليَّ أحد الأصدقاء أن أتحسس نبض المُتابعين في حساب "توتير" بتصوير مقطع أصرح فيه عن نيتي الكتابة حول الموضوع أعلاه، وبعد المقطع تفاجأت بحجم التفاعل المنقطع النظير، فحقق المقطع أرقاماً قياسية من جميع النواحي، فكان عدد الذين مروا على التغريدة أكثر من ٢٤ ألف شخص، وأكثر من ٥٢٠٠ شخص شاهدوا المقطع وأكثر من ٧٠ مغرد أعادوا إرسالها وأكثر من ١٥٠٠ مغرد ومغردة تفاعلوا مع التغريدة في أقل من ١٢ ساعة، ذلك كله يرمز إلى دلالة الوعي المتنامي للمواطن العماني ومتابعته الأزمة الاقتصادية بكل تفاصيلها، فهذا التفاعل والأرقام شجعتني للكتابة حول هذا الموضوع ومحاولة إيصال وجهة نظري ونظر القراء والمغردين إلى الحكومة وخاصة إلى مسؤولي الملف الاقتصادي في البلاد. وعودا لمقدمة المقال، ترى ما هي الأسئلة المناسبة التي تخص الأزمة الاقتصادية الحالية التي تمر بها السلطنة، ولكي لا يتشعب الموضوع، يمكننا أن نطرح عدداً من التساؤلات، والإجابة عليها ستوضح أهم الدروس المستفادة، وقبل طرح هذه التساؤلات، لنرى ما قامت به الحكومة منذ بداية الأزمة، فأهم ما قامت به أو ركزت عليه إصدار بيانات تدعو فيها الجهات الحكومية إلى رفع رسوم الخدمات المُقدمة للمراجعين، واستحداث رسوم وضرائب على بعض السلع والخدمات وهي ما تسمى بالضريبة المنتقاة، وإعلان الحكومة تأجيل تطبيق ضريبة الدخل إلى العام القادم ٢٠١٩م، ورفع رسوم خدمات البلدية لأكثر من ٧٠٠٪ في بعض الخدمات، وتم تأجيلها لمدة ثلاثة أشهر، على أن يبدأ تطبيقها من شهر يوينو ٢٠١٨م الجاري، وفي المقابل هناك ركود اقتصادي حقيقي يتمثل في تسريح الكثير من العمالة ونقص حاد في المشاريع والمناقصات الحكومية، وإغلاق الكثير من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وزيادة عدد القضايا العمالية والتجارية في المحاكم، والأحاديث السلبية في المجالس الواقعية ومن خلال المنصات الإلكترونية لمُعاناة الناس وضعف القوة الشرائية وخلو الشقق ورخص أسعار الإيجارات للأغراض السكنية أو التجارية، كل هذه المشاهدات ترمز إلى مؤشرات الانكماش الاقتصادي. بعد استعراض هذه المؤشرات التي تشير إلى المُعاناة والتحديات التي تمر بها البلاد، فهل الإجراءات التي قامت بها الحكومة آتت أكلها؟ وهل هذه النتائج والثمار ستؤدي إلى النمو الاقتصادي أو العكس وكم نسبة هذا النمو؟ وهل قامت أو تنوي الحكومة أن تقيس مدى تأثير أو فائدة ما قامت به من إجراءات خاصة فيما يتعلق برفع الرسوم على السلع والخدمات الحكومية ؟ وهل توقيت فرض الرسوم وزيادتها هو التوقيت الصحيح خاصة وأن سعر برميل النفط تجاوز الـ ٧٠ دولار أمريكي؟ وهل الحكومة مرنة في تغيير سياساتها وإجراءاتها حسب الأوضاع السائدة؟ وهل لدى الحكومة إحصائيات بعدد النشاطات التجارية التي أغلقت أو توشك أن تغلق وما أثر ذلك على الاقتصاد الكلي؟ وهل هناك خطة إنقاذ لهذه الفئة لكي لا تكون عالة على المُجتمع وندفع ثمن ذلك اجتماعيًا وأمنيا؟ وهل رفع الرسوم قابلته جودة الخدمات المقدمة؟ وهل نظرت الحكومة لموضوع الرسوم نظرة أحادية من جانب رفع العوائد المالية للحكومة أم نظرة شاملة تشمل كافة جوانب الدورة الاقتصادية؟ وهل قيمت الحكومة عدد المعاملات والتراخيص الصادرة قبل وبعد رفع الرسوم على معاملات البيع والشراء وباقي المعاملات التجارية والعوائد المالية نظير ذلك زيادة أو نقصانًا؟ وهل لديها خطط جاهزة للتعامل مع السيناريوهات المحتملة في المستقبل؟ وهل ما قامت به الحكومة يجعل السلطنة في وضع تنافسي وبيئة حاضنة وجاذبة للأموال المحلية أولا ويجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة؟ وهل للحكومة إحصائيات تثبت أن ما قامت به هو الصحيح؟ وما هي إجراءات الحوكمة التي قامت بها لضبط الصرف والبذخ لتقنع المواطن بأن إجراءاتها شاملة للمواطن والمسؤول وللمؤسسات الحكومية قاطبة دون تميز؟ هذه عينات من الأسئلة التي وصلتني بعد نشر مقطع الفيديو، وهي أسئلة يتداولها مُعظم الناس هذه الأيام وتسبب هواجس لهم، ولكن دائمًا يقال إنَّ الحكومة لديها معلومات وافية تستند عليها في اتخاذ قراراتها المصيرية وخاصة التي تخص وتمس المواطن بشكل مباشر، فهل لنا أن نتوقع من الحكومة الرد على هذا الأسئلة وإقناع المتابعين بأن ما تقوم به صحيحًا وفي مصلحة الوطن والمواطن.