الحسابات الفلكية للشهور

سيف بن سالم المعمري

يكثر الحديث بين الناس مع قرب دخول شهري رمضان وشوال بين الرؤية المجردة أو الاعتماد على الحسابات الفلكية؛ لكونها ترتبط بدخول مناسبات دينية كالصيام والعيد، ولسنوات قريبة يظل قرار الإعلان عن دخولها غير معلن حتى تقوم الجهات الرسمية، وبعد دعوة جمهور الناس بترقب الهلال، ثم بعد ذلك يتم الإعلان عن رؤية الهلال من عدمه، وهو إجراء متبع في معظم الدول الإسلامية.  

ومع تقدم العلم وأدواته يتم تحديد أيام معلومة لدخول الأشهر الهجرية بالاعتماد على الحسابات الفلكية، وهي حسابات وإن بلغت ما بلغته من الدقة إلا أنها غير قطعية، ومعها تقوم الجهات الرسمية بذات الإجراءات التي كانت تقوم بها في الماضي لحسم دخول الأشهر الهجرية من حيث الاعتماد على رؤية الهلال.

ومن المؤسف جدًا أن يلتفت الكثير من أبناء السلطنة إلى المغالطات التي تعلو من الخارج والتي تربط الإعلان المبكر لدخول الأشهر الهجرية عن طريق الحسابات الفلكية التي يعدها خبراء الفلك بالسلطنة، وتنشرها الصحافة المحلية، وتعدها إعلانا رسميا لدخول تلك الأشهر، وإن السلطنة لا تعتد برؤية الأهلة لدخول الأشهر، وتعتمد بالمطلق على الحسابات الفلكية، ويدللون على ذلك بعدم توافق دخول معظم الأشهر مع مثيلاتها في البلاد الإسلامية، وهي ادعاءات لا أساس لها من الصحة.

وللرد على تلك المغالطات فإنه وبشهادات الفلكيين في المراكز الفلكية في معظم البلدان الإسلامية، فإن السلطنة مثال يحتذى به في مجال الاهتمام بعلوم الفلك، وإنها تفردت بجهود نوعية في تحديد دخول الأشهر الهجرية جامعة بين الرؤية الشرعية والأخذ بحقائق العلم التي لا يمكن تجاهلها.

وكما هو معلوم بأن الإعلان عن دخول شهري (رمضان، شوال) يتم عن طريق لجنة رئيسية في مسقط يرأسها معالي الشيخ وزير الأوقاف والشؤون الدينية وعضوية كل من سماحة الشيخ العلامة مفتي عام السلطنة، وأصحاب الفضيلة القضاة من المحكمة العليا، وسعادة السيد وكيل وزارة الداخلية وآخرين، وتنبثق عن تلك اللجنة لجان فرعية في جميع محافظات السلطنة يرأسها أصحاب السعادة الولاة وعضوية عدد من أصحاب الفضيلة القضاة، وممثلين عن الأهالي، وتتفرع من لجان الولايات لجان وفرق فرعية تنتشر في ربوع كل محافظة، ويتم فتح قنوات التواصل لجميع المواطنين والمقيمين، والرد على كل ما يرد إلى تلك اللجان من بلاغات رؤية الهلال، وترافق تلك الجهود تغطية مباشرة عبر الإذاعة والتلفزيون، ويسبق ذلك تقارير فلكية وتحديد بالدقائق لإمكانية الرؤية في كل ولاية، وعدد دقائق مكوث الهلال بعد الغروب، ويتم تزويد جميع اللجان في المحافظات بمراصد فلكية متطورة جدا.

بل إنّ جهود لجان رؤية الهلال متواصلة طوال العام حيث تقوم لجنة تقصي الهلال بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية بالإعلان عن دخول كل شهر عن طريق  البيان الرسمي الذي يعلن في وسائل الإعلام المحلية، وتوجد بالوزارة دائرة خاصة تعنى بالشؤون الفلكية، وفضلا عن ذلك فإنّ الحقائق العلمية لا يمكن تجاهلها متى ما كانت متوافقة مع نواميس الكون، وإن جميع الدول الإسلامية بما فيها السلطنة تعتمد في اصدار تقاويم الأشهر الهجرية على الحسابات الفلكية، وللأسف النّاس يسلمون بتلك الحسابات ولا يشككون بدقتها إلا مع  دخول شهري رمضان وشوال!!

وما بين أن يتم إعلان الفلكيين باستحالة الرؤية وبين إمكانيتها فهي حقائق علمية لا تقبل الجدل، وإنّه في حالة إمكانية الرؤية فقد تتم وقد لا تتم، وبالتالي علينا أن نثق بالجهود المضنية المقدرة من قبل الجهات الرسمية، ونثمن عاليا جهودهم، وجهود الفلكيين بالسلطنة الذين يسهمون في تصحيح الكثير من المغالطات التي ترد من هنا وهناك. فبوركت الأيادي المخلصة التي تبني عُمان بصمت..

Saif5900@gmail.com