صوت الشباب.. مستقبل الوطن

 

مسعود الحمداني

"إما أن تسمع صوت الشباب أو أن تنسى المستقبل"، فالشباب كما تعلّمنا منذ الصفوف الدنيا "هم أمل الأمة، ووقود الغد.. وعلى سواعدهم تقوم النهضة.." ولم يعد صوت الشباب صوتا مكتوما، لا صدى له، ولا حياة، بل أضحى أكثر ضخامة، وأفصح لسانا، فمن يشعل الفتن هم الشباب، ومن يطفئها هم الشباب، ومن يبعث الأمم من مرقدها هم الشباب، ومن يميت الهمم هم أنفسهم.. لذلك علينا الاستماع- حكومات وأفراد- لهذه الأصوات، وعدم إهمالها، أو تهميشها، أو تحجيمها، فبهم تسير المجتمعات، وعلى أكتافهم تبنى الأوطان.

فوسائل التواصل الاجتماعي أصبحت صوت من لا صوت له، ومن خلالها نستطيع سماع مطالبات الشباب بوضوح، بعيدا عن التزويق، والألوان التي يضفيها على أصواتهم الإعلام التقليدي، ومن خلال الوسائل الجديدة تستطيع الحكومة رصد احتياجات الشارع، وهمومه، ومشاكله، وحلوله، ولكن قبل ذلك علينا فتح مساحات شاسعة من الحرية، وأهمها حرية التعبير، فليس كل من انتقد الإجراءات الحكومية يصنف كمعارض، وليس كل من علا صوته هو مشاكس ومشاغب، وليس كل من صرخ في وجه المسؤولين- دون المساس بأشخاصهم- يعتبر (قليل أدب) أو خارج السرب.. فلكل مواطن صوت يجب سماعه، ليس عن طريق (وسيط) بل عبره هو نفسه، ولذا على المواطن أن يبث شكواه، وعلى الحكومة أن تستمع إليه، دون أن تقاطعه.. فالحكومات الراشدة هي تلك التي تستمع لأبنائها وتحاول أن تحل مشاكلهم، لا أن تسكتهم، وتقطع ألسنتهم، حيث إنّ الصمت يكون مريبا حين يطول.

إنّ المجتمع الذي يتربى أفراده على القمع والصمت هو مجتمع عرضة لكل أنواع الصراعات، والصدمات، لذلك على الدول الناضجة أن ترفع سقف الحريات العامة وأولها حرية التعبير السلمي، فتلك وسيلة ناجعة لبتر العنف من جذوره، وعلينا أن نعلّم الأطفال والشباب كيفية التعبير عن آرائهم بحرية ومسؤولية و..رقيّ، فذلك نوع من "التنفيس" الذي تحتاجه كل الكائنات الحية دون استثناء، فـ"الكبت يولّد الانفجار" كما يقول علماء النفس، وعلينا أن نرفع من قيمة الفرد في مجتمعاتنا، ونربي فيهم الثقة بالنفس، حتى ننتج أفرادا مواطنين دون عُقد متوارثة، والذي قد نجني يوما ما ثمر ما زرعناه فيهم.

إنّ وسائل التواصل أصبحت هي الوسيلة المثلى لسماع أصوات الناس، في ظل غياب وسائل الإعلام التقليدية عن لعب دورها، حيث تعتمد الآراء المبثوثة هناك على "الفلترة"، ويتحدث ذلك الإعلام بلسان الحكومة، أي أنّه لا يستمع إلا لصوت نفسه، أمّا إذا أرادت الحكومات أن تستمع للرأي المخالف، ووجهات النظر الحقيقية البعيدة عن النفاق الاجتماعي، والدبلوماسية التي لا توصل إلى شيء فعليها الاستماع إلى صوت الشباب من مصادره الحقيقية، وألا تسد آذانها عن مشاكلهم، وأن تتخذ من قول صاحب الجلالة- حفظه الله ورعاه- نبراسا ونهجا لها، ولحرية التعبير التي لا يمكن إسكاتها حين يقول جلالته: ".. لا أريد أن أسمع من يقول لا أريد أن أصدّع الحكومة".. بهذا الفكر المستنير علينا أن نقتدي، وأن نتعامل، فالحكومة التي لا تستمع لأبنائها ستلقى نفسها وحيدة في مواجهة المستقبل، وستصنع بينها وبين مواطنيها فجوة قد تكبر مع الأيام ما لم تردمها بنظرة ثاقبة، وحلول مبتكرة، ومعالجات حكيمة، فالدولة هي الأم الرؤوم، وهيبتها محفوظة، ويدها غير قاصرة عن عقاب من يتجرأ على الوطن والمساس بعظمته وثوابته إن تجاوز حدود التعبير من خلال بث الفتن والنعرات المذهبية والطائفية، غير أنّ لكل مواطن الحق عن التعبير عن آرائه ما دامت له حقوق المواطنة التي يكفلها له النظام الأساسي للدولة.

ما الذي يريده الشباب؟! هو العنوان الذي على الحكومة أن تبحث عنه بكثير من الحب للوطن، ومزيد من المسؤولية العالية، ودون وسطاء أو لجان.

Samawat2004@live.com