اغتيال الطفولة على وسائل التواصل.. مسؤولية من؟


إعداد: ريان الزعابيّة – سلطنة عمان


"أطفالنا بدون طفولة.. من الملام؟" لطالما ردد الأهل هذه العبارة مع تطور التكنلوجيا وبالتحديد عند انتشار مواقع التواصل الاجتماعي. للأسف، مع ظهور موجة السلبيات التي نشرتها مواقع التواصل الاجتماعي في مجتمعنا، إلا أنها استهدفت أضعف عنصر من عناصر المجتمع وهم الأطفال. في ظاهرة أعتبرها "كالسلاح المدمر" أصبحنا نشاهد على العلن أن براءة الأطفال صارت تشترى مقابل استغلالهم لأهداف تجارية ودعائية على "السوشيل ميديا".
في يوم من الأيام، دخلت على إحدى برامج التواصل الاجتماعي، فأصابني ذهول حينما رأيت طفلة في الخامسة من عمرها تبدو وكأنها في العشرينات لكثرة مساحيق التجميل التي أخفت ملامح براءتها، حيث قامت تلك الطفلة بالإعلان عن منتجات تخسيس لا علاقة لها بعمرها! مما شدّ انتباهي أن طريقة كلامها وأسلوبها يشبه إلى حد كبير طريقة أسلوب المشهورات اللاتي يقمنّ بالإعلانات عبر برامج التواصل. شكلها، مظهرها، زينتها أظهرتها كالمرأة التي ودعت زهرة طفولتها الوردية منذ زمن. حينها، تراود إلى ذهني سؤال عجزت عن الإجابة عنه، هل أصبح فلذات أكبادنا وسيلة لتحقيق المكاسب والشهرة السريعة؟
أطفالنا لا يملكون القدرة والسيطرة على التحكم بأنفسهم وقراراتهم، لأن المعروف أن الوالدان هم من يقومون بإرشاد أطفالهم وبيان الصواب من الخطأ حتى يصل الطفل إلى سن الرشد حينها يستطيع التمييز بين الأمران. ومن العجيب في زمن العجائب، أن نلمس قلة وعي الأهل حينما يبررون شهرة أطفالهم بأنها "موهبة" ويشجعونهم على الاستمرار في ذلك. ومن الجدير بالذكر، أن المجتمع أصبح يتابع هؤلاء الأطفال الذين لم يبلغوا سن الرشد بعد، فيما تستغل الشركات وجوههم البريئة لأغراض تجارية بحتة مقابل مبالغ مادية كبيرة.
لا ننكر أن هناك آباء وأمهات عرضوا أطفالهم عن طريق تصويرهم اليومي وعرض تفاصيل حياتهم الشخصية التي من المفترض ألا تخرج خارج نطاق الأسرة. ومع بالغ الأسف، نجحوا في إبراز أطفالهم وزيادة عدد متابعيهم الذي يصل إلى الملايين. في هذه الحالات، أبعد ما يفكر به الأهل هو تربية طفلهم تربية صالحة عن طريق إدخالهم في أعمال اجتماعية تعود عليهم بالنفع، بل جُل ما يفكر به الأهل هو اللهث وراء المادة عن طريق استغلال أطفالهم. ولا شك بأننا شاهدنا استضافة هؤلاء الأطفال في المعارض والفعاليات وتجمهر الناس والجمهور من حولهم لأجل التقاط "سيلفي" معهم! بات حال هؤلاء الأطفال المساكين كحال الفنانين والفاشنيستات الذين شقوا طريقهم للشهرة والمكسب المادي. هذه الأفعال تخالف حقوق الطفل، لأن القانون لا يسمح باستغلال الأطفال القُصَّر عن طريق هذه الأساليب الرخيصة.
إذا نظرنا لهذه القضية من زاوية أخرى، سنلاحظ أن هذا "النجم" تتاح له فرص أكبر وأوسع أقرانه في المدرسة كما يُعامل بطريقة مختلفة عن البقية لكونه "مشهوراً"، وإن كان لا يستحق كل تلك المعاملة المميزة. في كل مكان هناك مبدعين، فمن غير المنطقي أن تسلط الأضواء حول من لا يملك أي موهبة تستحق التقدير مقابل عدم الالتفات إلى من أبرز موهبته الاستثنائية للمجتمع. فبالتالي نلاحظ أن هذه المسألة ليست عادلة وغير منصفة لأن الفرص قد تقدم إلى من لا يستحقها بجدارة.
إذا لم يعش الطفل طفولته بشكل صحيح ومتزن سوف يؤثر عليه ذلك عند الكبر، وقد يعيش طفولته المتأخرة في سن المراهقة. فالطفولة هي واحدة من أهم المراحل في عمر الإنسان، ويجب على الأهل أن يدركوا مدى أهمية تلك المرحلة جيداً حتى لا يتخذوا قرارات غير مدروسة وسطحية والتي من شأنها أن تسلب زهرة من زهور حياة أطفالهم. وأخيراً يطرح السؤال نفسه، هل سيتحمل هؤلاء الأطفال ضريبة الشهرة ما إن يبلغوا سن الرشد؟

 

 

تعليق عبر الفيس بوك