جنون المستديرة

 

حسين الغافري

عشنا لقاءات مثيرة في دور الثمانية لدوري أبطال أوروبا خلال الأسبوع المنصرم. كلمة مثيرة لا تكفي فعلياً لوصف ما حدث. فقد شهدنا نتائج غير متوقعة ومباريات من العيار الثقيل. مُباريات من النوع التي يحبها ويتمناها المشجع المحب والمتيم بالمستديرة. فمن كان يتوقع أن يعود روما ويقلب نتيجة الكامب نو الرباعية إلى فوز عريض وتاريخي أثبت ألا كبير في الكرة وأنّ المال ليس كل شيء. وأن المستحيل لا يبنى إلا في عقول المتكاسلين. أيضاً قمة البرنابيو المثيرة التي كادت أن تتجه بطاقتها إلى تورينو لولا ركلة الجزاء التي لازالت محل جدل حتى الآن. شخصياً لا أتذكر بأنني عشت مباريات من هذا النوع. الإثارة وصلت إلى أعلى مستوياتها. حتى الكثيرين لم يستوعبوا خروج برشلونة بعدما تفوق برباعية وظنّوا أنّ الإيّاب مجرد معبر ومحطة هدوء وتخطيط للدور المقبل. برشلونة ساهم في سقوطه في روما. ساهم لأسباب عديدة لعل أبرزها حال التراخي غير المبررة التي دخل بها الفريق. من جهة أخرى العتب الأبرز يمكن توجيهه إلى فالفيردي الذي قدم مستوى تكتيكيا جيدا إلى حد كبير طيلة الموسم إلا أنّ حضوره في لقائي روما ذهابا وإيِّابا لم يكن بتلك الصورة المقنعة. الفريق ظهر غير مترابط في خطوطه والحلول الإبداعية لم تتواجد. كما أنّ تبديلاته وتفاعله مع مجريات المباراة سيء للغاية. برشلونة غاب كليا واستحق الخروج. في الجهة ريال مدريد كاد أن يضيع تفوقه في تورينو وسيطرته وجهوده التي أشاد بها الجميع بعدما تخلف بثلاثية إلى الوقت بدل الضائع. الملكي لم يوفق إطلاقاً. ولكن يحسب بأن أليغري تفوق تكتيكيا على زيدان وخروجه أصبح بطعم الانتصار. دعونا نتفق على أنّ الريال أوروبيا فريق مرعب ومخيف ولا يمكن أن تأمن له. الفريق مجدداً إلى نصف النهائي وفي مشوار بطولة أوروبية ثالثة على التوالي.

المربع الذهبي اكتمل بليفربول الإنكليزي وبايرن ميونخ الألماني. البايرن قاد المباراة مثلما أراد. بينما الريدز أكدوا بأنهم الرقم الصعب في البطولة الحالية بقيادة خط هجوم مرعب يأخذ بزمامه نجمنا العربي المصري محمد صلاح والإدارة الفنية الأكثر من مميزة مع الداهية يورغن كلوب. وبعد القرعة نحن على موعدين كبيرين لا يقلان أهمية عن مباريات دور الثمانية. ففي الأولى مباراة كلاسيكية أو كما سماها زيدان بأنها كلاسيكو أوروبا في الأعوام الماضية عندما يتواجه الملكي مع النادي البافاري بايرن ميونخ. المباراة صعبة على الجانبين ولكن لازلت أفضلية الريال حاضرة بحكم القوة الفنية والبشرية التي يملكها زيدان. الريال يبدو المرشح الأكبر وحظوظه أرجح. في المقابل فإن هاينكس وبعد عودته إلى تدريب البايرن أثبت عن حنكة تدريبية يتمتع بها أكثر من غيره. الفريق معه وجد ضالته وطريقه الصحيح. أما القمة الثانية بين روما وليفربول فتبدو متكافئة الحظوظ نسبياً مع أفضلية الريدز عن فريق العاصمة الإيطالية. الريدز أوروبيا فريق مختلف للغاية. وحظوظه للوصول إلى النهائي أوفر بحكم الخبرة التي يتمتع بها. مع كل هذا ومع ما شاهدناه في الدور المنصرم يجعلنا نضع التوقعات موضع التكافؤ.. لا أفضلية لأحد ولا تفوق على أحد إلا ورقياً. أما في الميدان فالكرة تعطي من يعطيها وتقف مع من يبذل أكثر.