حق استعادة الأرض

ستة عشر شهيداً، ومئات الجرحى، عبَّدوا الطريق أمام انتفاضة فلسطينية جديدة؛ حيث الحياة والإصرار على استعادة الحق مُستمران، ويُتَوَارثان من جيل إلى جيل.

مسيرةٌ جاءتْ وَسْط ظروف دولية وإقليمية يسودها الضباب، وَسط صمت عربي ودولي، ومواقف مُتوقعة لا تُسمِن ولا تُغْني من جوع، ولا تهبُ الانتفاضة سوى العبارات التي تشجُب وتُدين على استحياء، حتى إنَّ مجلس الأمن الدولي عندما اجتمعَ، لم يُفلح حتى في إصدار بيان إدانة عديم التأثير.

شيَّعت فلسطين جثامينها وسط دموع وهتافات غضب، فالموت صهر خلافات الفرق الفلسطينية، وصاروا على قلب رجل واحد، في مواجهة محتلٍّ غاشم وجرائمه.

مدنيون عزَّل خرجوا للتعبير عن غضبهم في مناسبةٍ سنوية لها علاقة بجرائم الاحتلال والاستيلاء على الأراضي، صُدُورهم عارية، وأياديهم لا تحملُ سوى راية فلسطين، لم يعتزموا سوى أن يُعلنوا أمام العالم تمسكهم بالأرض. ففاجأتهم القذائف المطاطية والحية، والقنابل المسيلة للدموع من كل اتجاه، طائرات تُلقي على رؤوسهم، وقناصة يُصوِّبون فوهات بنادقهم إلى الصدور والرؤوس، ورصاص متطاير في كل اتجاه، ليبثوا الفزع في قلوب شعب لا يعرف معنى كلمة الفزع ولا الخوف، شعبٌ لديه إصرار على تحقيق حلمه مهما طال الأمد، والوقود الذي يحرك هؤلاء الأبطال لا يُمكن إطفاء جذوته مهما سقط من شهداء وجرحى، ومهما قصفت طائرات الاحتلال ومهما طال الحصار والتجويع؛ فالمقاومة باقية حتى آخر طفل فلسطيني يحبو على أرض بلاده المحتلة.

هم الآن لا يريدون مِنَّا سلاحاً ولا غذاء، ولا بيانات شجب وتنديد، بل في أغلب الظن يريدون أن نعلِّم أولادنا أن القدس عربية، وفلسطين من النهر إلى البحر عربية، وأن نحكي لهم كيف ارُتكبت أبشع جرائم العنصرية والقتل ضد شعب بالكامل حتى تم الاستيلاء على أغلب أراضيه، وإذلال الباقين بالحصار والقصف والأسر والمطاردات والمؤامرات.

فهذه الأرض أودع الله فيها سر الحياة، في رحم النساء وبطونهن وفي سواعد الرجال وصرخات الأطفال، في كل حبة تراب ورمل وكل غصن زيتون، حياة لو توزعت لاكتفت بها البشرية، فما بالك بشعبٍ يسعى لاستعادة أرضه وسيفعل، إلى أن يُكمل صرخة غضبه ليصم بها آذان الجميع، فلا الرصاص ولا الصوارخ والقنابل، ولا التواطؤ الدولي يُمكنه أن يهزم شعبنا الفلسطيني البطل.

تعليق عبر الفيس بوك