نور المعرفة في سماء إبراء

 علي بن بدر البوسعيدي

عندما تفتتح مكتبة في منطقة ما وكأنك أضأت نور المعرفة في سماء الدنيا، وخلقت فرصاً للإرتقاء والتحضر وبناء العقول، ومؤخراً تشرّفت مع أخي المكرم حاتم الطائي بحضور افتتاح مكتبة إبراء العامة بدعوة كريمة من الشيخ سيف بن هاشل المسكري، ورعى المناسبة الكبيرة هذه فضيلة الشيخ الدكتور كهلان بن نبهان الخروصي مساعد مفتي عام السلطنة.

وأرى أنها منارة جديدة للعلم والمعرفة في إبراء ومحافظة شمال الشرقية عموماً، فالمكتبة تزخر بكتب من شتى العلوم الفقهية والشرعية وكذلك التاريخية والجغرافية بالإضافة إلى الوثائق الدالة على الحضارات العمانية الموغلة في القدم، وعلاقات بلادنا بالعالم الخارجي كما أنّ هناك وثائق تدلل على التجارة الخارجية منها التصدير من البلاد والاستيراد من الخارج كذلك وثائق عن العلاقات الدبلوماسية القديمة مع العالم، ومبدأ التسامح بين الديانات السائدة منذ القدم كذلك عدم التدخل في شؤون الغير، وما تنفرد به بلادنا من سمات حضارية تنير طريقنا للمستقبل.

إنّ افتتاح هذه المكتبة ومكتبات أخرى في المدن والولايات يعني تواصل غرس المعرفة والعلم بين الأفراد من مختلف الأجيال، ودعم حالة الحراك الثقافي التي تشهدها بلادنا الغالية، وبلورة رؤى وجماعات ثقافية وفنية مختلفة تعنى بالشعر والقصة والرواية والمسرح والنقد الأدبي، فغرس بذور الثقافة في المجتمع يظل يزهر ويثمر يوما بعد يوم، لينتشر ويملأ الآفاق من نور وعطر المعرفة والعلم، فالتقدم لا يتحقق إلا بالعقول النيرة والمبدعة.

ويمكن القول أنّ دور المكتبة لا يقتصر على كونها مكاناً يمتلئ بالأرفف التي تحمل الكتب، بل هي مصدر كنز المعرفة الذي لا ينفد، فالمعلومات في المكتبة متجددة باستمرار مادام هناك تأليف وترجمة، وتقوم بمساندة المقررات الدراسية سواء في المدراس أو الجامعات، إضافة إلى إقامة فعاليات ثقافية وعلمية مختلفة، وربما عروض مسرحية.

فالقراءة من أهم المهارات التي يتعلمها الفرد خاصة إذا كانت في مراحل مبكرة من حياته، وهي مرتكز أساسي كي يستمر المرء في التعلُّم وتلقي المعلومات، وهي الجزء المكمل لحياة الفرد، والمفتاح الذي يقودنا نحو العلم والمعرفة المتنوعة.

كما تعود على الصحة العقلية بفوائد عظيمة، فهي من الأنشطة المحفزة لدماغ الإنسان للقيام بوظائفه، كما تعمل على تطوير قدرته على التحليل والتواصل خاصّة لدى الأطفال، وتساعد على زيادة مستوى التركيز لدى القارئ؛ إذ أنّ قراءة النصوص وتحليلها والتأمل والتفكير فيها يعمل على تنمية القدرات التأملية والتعبيرية سواء الشفوية أو الكتابية، وبالتالي ترفع مستوى التركيز.

ولا يسعنا سوى أن نتذكر تلك الرسالة التي تضمنها حديث فضيلة الشيخ الدكتور مساعد المفتي العام للسلطنة، في افتتاح المكتبة عندما ركّز على كلمة اقرأ في القرآن الكريم.. أول كلمة اختارها الله عزّ وجل وهو يحث عباده على على أهميّة القراءة والاطلاع على العلوم والمعارف، كي يكون المسلم مُتسلحا بالعلوم المختلفة، وواعيا لما يدور حوله من متغيّرات، والقصيدة الترحيبية للشيخ عبد الله بن هاشل المسكري والتي قرأها ابنه أحمد.

أخيراً يجب علينا توجيه الشكر الجزيل والتحية إلى الأصدقاء الشيخ سيف بن هاشل المسكري، والشاعر الشيخ عبدالله بن هاشل المسكري، والدكتور صالح بن هاشل المسكري، على ما لمسناه من كرم الضيافة الأصيلة في تلك الأمسية الطيبة، وأن هذا الأثر الطيب صدقة جارية وعمل تنويري للأجيال القادمة.