فوائد تأجيل تطبيق قرار رسوم البلدية

خلفان الطوقي

حضرتُ مع عشرات الزملاء، بدعوة من وحدة التواصل الحكومي، لقاء إعلاميًّا مفتوحًا يستعرض أسباب رفع رسوم البلديات للخدمات والتراخيص، وحاولت أن أقنع نفسي بهذه الرسوم، وبعدها يُمكننا أن نكون عونا للحكومة لإقناع الرأي العام؛ وبكل صراحة لم أقتنع؛ وبسبب شكوكي في أن أكون مخطئًا؛ قُمت وتحدثت بعد اللقاء مع عدد من زملائي؛ ولم أتفاجأ بوجهة نظرهم، واتفاقهم معي بأنَّ القرار غير صائب، وتوقيته غير مناسب أبدا، ولم يراعِ الظروف الاقتصادية التي تمر بها السلطنة.

ولله الحمد؛ يأتي قرار مجلس الشؤون المالية وموارد الطاقة، في الوقت المناسب، بتأجيل قرار تطبيق رسوم البلدية، ويعطي فترة سماح إلى شهر يوليو 2018م؛ ليسعد الآلاف من أصحاب الأعمال؛ فهناك فوائد كثيرة لهذا التدخل وفي هذا التوقيت بالذات؛ وسوف أستعرض عددا من المزايا لقرار التأجيل؛ وسوف أستعرضها في هذا المقال، لعلها تصل لمتخذي القرار في الشأن الاقتصادي.

أهم فوائد تأجيل تطبيق القرار: إتاحة مزيد من الوقت لدراسة مُعمَّقة لعواقب القرار بشكل علمي وإحصائي حسب الظروف الوقتية التي يمرُّ بها الوضع الاقتصادي الحالي؛ فلربما هناك دراسات أجريت ولكن قبل عدة سنوات لن يتناسب تطبيقها الآن؛ أضف إلى ذلك أن هناك فائدة أخرى؛ منها: إتاحة المجال للحوار مع أصحاب الأعمال واللجان القطاعية وممثلي اللجان في غرفة تجارة وصناعة عمان والمختصين في الهيئة العامة لحماية المستهلك وممثلي اللجنة الاقتصادية في مجلسي الدولة والشورى؛ فآرائهم مثرية ومعينة للتواصل إلى رأي توافقي قدر الإمكان.

قرار التأجيل له مزايا إضافية غير مباشرة والتي تخدم الاقتصاد الكلي؛ ومنها: جعل السلطنة محطَّ أنظار المستثمرين من الخارج؛ وضمان بقاء واستمرار المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة المحلية والعالمية في السوق، بعد أن تعالت أصوات المعاناة والتلميح لإغلاق مؤسساتهم إن لم تغلق بعد؛ وهناك ميزة ربما تكون غير مرئية، لكنها واقعية؛ وهي: عدم هروب أصحاب الأعمال ورؤوس الأموال العمانيين إلى منصات استثمارية أخرى خارج السلطنة أكثر جاذبية؛ فقرار التاجر بغض النظر عن جنسيته يظل ساعيا إلى الربحية في أعماله، ولديه خارطة استثمارية داخل وخارج البلاد؛ ولديه خيارات أخرى كالعقار أو السندات أو الأسهم، أو أي أنشطة أخرى؛ فإن وجد نفسه في بيئة غير مشجعة للاستثمار وممارسة العمل التجاري؛ ستجده يذهب أينما وجد ضالته؛ لذلك على متخذي القرار الاستثماري أن يأخذوا هذا في عين الاعتبار.

خلاصة القول.. إنَّ قرارًا كهذا كي ينجح لابد أن يعتمد على عدة عناصر جوهرية قبل إقراره؛ أهمها: التهيئة المجتمعية، والتدرج في التطبيق، ومراعاة التوقيت، ومنافسة الوجهات الاستثمارية المحيطة بنا؛ ومراعاة الوضع الاقتصادي، وتلمس أوضاع ودخل المواطن والمقيم؛ فعدم مراعاة هذه العناصر سوف يدخلنا إلى انكماش اقتصادي حقيقي يصعب الخروج منه بسهولة.