الدور الرقابي في خدمة المجتمع والنمو الاقتصادي (1-2)

 

سالم بن العبد مسن

مع تنامي حجم القطاع الحكومي والمؤسسات العامة والخاصة بالسلطنة، أصبحت الرقابة ذات أهمية بالغة؛ سواءً على المدى القصير كتطبيق القوانين واللوائح التي تُنظِّم سير تلك القطاعات، أو البعيد الذي يجعل من الدولة ذات هيكل تنظيمي مُتماسك يَدْعم إستراتيجية النمو الاقتصادي فيها؛ بما في ذلك رؤية عُمان المستقبلية 2040، وقد كانت السلطنة من الدول السبَّاقة في مجال الرقابة؛ حيث أولته اهتماما بالغاً من خلال إنشاء جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة، والذي يعدُّ العينَ الساهرة على حماية المال العام ومقدرات الوطن.

فكلما زادت كفاءة العمليات الرقابية، زادت الاستفادة من تلك المشاريع التي تُنشئها الدولة؛ سواء من خلال الأرباح التي تدخل في الخزينة العامة، أو توفير المزيد من فرص العمل، أو تحسين ورفع مستوى الخدمات التي تقدم لأفراد المجتمع. أضف إلى ذلك أهمية استخدام برامج وأنظمة حديثة ومتجددة لمجاراة تطور تلك القطاعات، وضبط الجودة في أعمالها الإنتاجية والخدمية؛ من خلال التعاون بين الرقابة وجهات أخرى كمجلس البحث العلمي والمجلس الأعلى للتخطيط...وغيرهما، والتي تدعم العمل الرقابي، وهناك أيضا دور مهم للمجتمع نفسه، أو ما يسمى "الرقابة الشعبية" أو "الرأي العام" في العمل مع جهاز الرقابة وغيره من جهات ذات اختصاص؛ للوقوف على أي أخطاء أو تجاوزات على المال العام.

ومع استمرار عجلة التنمية في السلطنة، من خلال المشاريع المتنوعة وتطوُّر البنى الأساسية في مجالات متعددة: كالمطارات والموانئ والمناطق الحرة والمنطقة الاقتصادية في الدقم، وما تحويه هذه المنطقة من مشاريع عملاقة متعددة، وغيرها من المشاريع في ربوع السلطنة، والدور الكبير المعول على تلك المشاريع في رفع المستوى المعيشي للمواطن، من خلال توفير فرص عمل للشباب، وفتح آفاق جديدة لمستقبلهم، فإن الدور الرقابي هنا والتعاون مع الجهات الإدارية في تلك المشاريع، يكمن في الحافظ على أهدافها التي أنشئت من أجلها، من خلال اتباعها الأنظمة والقوانين التي تحدد مسارها. ومن هنا، نحصُل على الاستفادة القصوى من تلك المشاريع، خاصة وأن هناك حاجة ملحة لإيجاد المزيد من فرص العمل لاستيعاب الشباب، في ظل تلك المخرجات التي ترفد سوق العمل من الكليات والجامعات في السلطنة، وحاجة الوطن كذلك لهذه السواعد الفتية في المضي قدما بالتنمية مع بداية رؤية عُمان المستقبلية 2040، والتي تدأب العديد من اللجان المتخصصة للعمل عليها؛ لذا فنحن بحاجة للرقابة المالية والإدارية التي تعد من العناصر الأساسية للعملية الإدارية، والتي تشمل التخطيط والتنظيم والتنسيق والتوجيه والقيادة، إضافة لمحور حديثنا "الرقابة".

ونحن عِندما نتحدَّث عن أهمية الرقابة، نعي جيداً أن الإفراط في ممارسة العملية الرقابية يؤدي لنتائج سلبية؛ منها: قتل المواهب، والحيلولة دون تنمية قدرات الموظفين في اتجاه تحمل المسؤولية وروح القيادة؛ لذلك فلابد من التأكيد على أن ما نعنيه هو الرقابة التي تعمل على تنمية مهارات الشباب، وفتح مساحة واسعة لتطوير مواهبهم، والعمل على التصدي لكل المعوقات التي قد تحُول دون استمرارهم وتقدمهم، وقد أثبتت الدراسات الإدارية أن العمل الرقابي هو من أسهم في إعطاء فرصة للكوادر الشابة لأن تشق طريقها نحو الإبداع؛ وذلك من خلال الوقوف في وجه "المحسوبية" التي تعد من الأسباب الرئيسية المعيقة لإبداعاتهم، وصخرة تتحطم عليها آمالهم. لذا؛ فإن جهاز الرقابة المالية والإدارية في السلطنة له دوره الفاعل في ذلك، ولا ننسى أيضاً الدور الكبير الذي تقوم به محكمة القضاء الإداري للتصدي لمثل هذه الممارسات في حال حدوثها.

تعليق عبر الفيس بوك