اللاهثون خلف منصات التكريم

 

أحمد السلماني

حالة بل ظاهرة لم نعهدها بهذا الشيوع والبروز، كرنفالات التكريم التي طفت على الساحة الرياضية والتي أعقبت الفوز المؤزر لمنتخبنا بكأس الخليج الثالثة والعشرين عن جدارة واستحقاق، وبالتالي لا ضير أن يتم تكريم المستحقين ومن ساهم بشكل مباشر وغير مباشر في هذا الإنجاز أو غيره من الإنجازات الرياضية لما في ذلك من حافز نحو المزيد والمزيد من الجد والاجتهاد؛ لاعتلاء منصات التتويج، وضمان حضور السلطنة في المحافل الإقليمية والقارية والدولية، هذا أمر لا يختلف عليه اثنان بل إنّه أمر محمود تشكر عليه الجهات الرسمية والأهلية التي قدمت مثل هذا المشهد الجميل والتي عبرت عن امتنان البلاد لشبابها المجيدين.

وأقول المستحقين، ولكن اللافت في الأمر تهافت زمرة من "اللاهثين" خلف منصات التكريم هذه والتزاحم للظهورعلى عدسات المصورين ووسائل الإعلام، بل ويصل الأمر إلى حد الشد والجذب والغمز واللمز في أحقية هذا عن ذاك، ولماذا تمّ تكريم فلان ولم يكرم فلان، بل ووصل الأمر إلى حد الترويج لأناس من قبل بعض "مقاولي الترويج" بوسائل التواصل الاجتماعي تطالب الجهات الرسمية بأن يتم تكريم سين من اللاعبين وآخر إداري وأحدهم حكما وسلسلة طويلة يبدو أنها لن تنتهي إلا بعد أن يفقد التكريم قيمته الرمزية العالية.

كثيرون قدموا خدمات للوطن في زمن ما وسقطوا سهوا أو عن عمد من سجلات التاريخ الناصع بالبطولات، فقط لأنّ نيّتهم الخالصة كانت "خدمة البلاد والعباد" وفي شتى الميادين، رحلوا أو ركنوا إلى زاوية من زوايا النسيان، احتسبوا ما قدّموه ويقدمونه لله والوطن والسلطان المفدى، لم يلهثوا خلف منصات التكريم، فقط كانوا ينتظرون من يعترف لهم يوما بمنجز أو تضحية قدموها ولو بسطر في عمود أو كتاب أو منشور، الأمثلة كثيرة وليستعرض القارئ في فكره أسماء قدمت وأعطت وضحت في شتى مساقات المشهد التاريخي لهذا الوطن، وما أكثرها في قاموس وموسوعة الرياضة العمانية، منهم من تذكرناه بعدما فقدناه، كان بيننا ورحل بغصة وصمت، ليس واحدًا بل كثر.

حضرت أحد احتفالات التكريم وأدهشني الكرنفال الطويل من المكرمين أفرادًا ومؤسسات، أشهد أنّ "عرق" البعض جراء ما قدم قد حوّل لون كأس الخليج الفضية إلى قرمزية، ولكن أخشى أنّ البعض إنّما كان "للاستهلاك الإعلامي والدعاية" ليس أكثر من ذلك وإن حدث وقدَّم شيئًا فقد اختلط بشيء من الدعاية والترويج والتسويق.

أعرف أنّ أسماء رياضية عمانية شهيرة قد تحصلت على كريم العطايا والهبات نظير إنجازات رياضية وهميّة روج لها "إعلام المقاولات" وللأسف ما زال هناك من يمارس هذه الدعاية الوهميّة، وبشتى الطرق ينشد بها التكريم، كما وعلى النقيض تماما فإنّ هناك رجالا وهبوا ونذروا نفوسهم رخيصة فداء للوطن يحرسون حياضه، وحدوده ليهنأ المواطن والمقيم بالأمن والأمان في بلاد الأمان، يبدأون يومهم بهندامهم الجميل ويعودون مساء شعثا غبرًا قد بلغ منهم التعب والإعياء مبلغه فيستسلمون لنوم عميق هانئ وأقصى ما يحلمون به كلمة "شكرا" لا أكثر،"فهل أنتم مُنتهون".