معلمي.. أرهقتني الواجبات المنزلية!

 

حمود الحاتمي

 

كان ينتظرني عند مدخل المسجد ليشرح لي معاناته من عدم قدرته على متابعة واجبات أبنائه في المدارس.

أخذته عند زاوية بالمسجد، وشكرته أن اختارني لأساعده في إيجاد حلول لمعاناته من كثرة الواجبات المنزلية، وقد بادرني أن يثق بي لخبرتي الطويلة بالتربية والتعليم.

أخذ يشرح لي معاناته أن لديه أبناء في مختلف المراحل الدراسية ثلاثة في الحلقة الأولى من التعليم الأساسي وابنتين في الحلقة الثانية من التعليم الأساسي وطالبا في الصف الثاني عشر، وقد سرد لي من تعدد الواجبات المدرسية لأبنائه في الحلقة الأولى وكل يوم ينهي الواجبات في حدود العاشرة مساءً وفي إجازة نهاية الأسبوع ينهي بعض الواجبات والمشاريع التي لم تستكمل في أيام الأسبوع وكذلك معلمات الحلقة الثانية يرغبن بدروس محوسبة مصحوبة بجوائز ووسائل لتمثيل دور المعلم الصغير. ويضيف صرت منقطعاً عن التجمعات العائلية وعن الأصحاب حتى لم يعد أبنائي يخرجون في نزهة.

ويضيف غاضبًا لماذا تحولت مناهجنا إلى واجبات منزلية؟ ماذا يفعل الطالب في المدرسة إذًا؟ صار أبنائي يكرهون شيء اسمه واجب

كنت مستمعاً ومستشعراً لما يقول وليس هذا الأب الذي يتحدث عن هذا الأمر وإنما هناك من الأسر تتحدث عن ظاهرة تكدس الواجبات المنزلية.

ولسان حالي يقول لماذا جعلنا طلابنا ينفرون من الواجبات المنزلية؟

وبما أنّي من فئة الذي لا يصرح بالاعتراف بخطأ المنظومة التربوية كان ردي على هيئة سؤال أقصد به تحميله المسؤولية مع يقيني التام بصدق معاناته: هل تحضر اجتماع الجمعية العمومية لمجلس الآباء؟

هل ناقشت الواجبات المنزلية مع إدارات مدارس أبنائك؟ أجابني نعم وكل جمعية أحضرها تناقش إنجازات المدرسة في الأنشطة وعندما طرحت قضية الواجبات قالوا الطالب يقضي أكثر أوقاته بالمنزل وبالتالي يأخذ واجبات.

قلت لهم لست معترضا على الواجب إنما تنظيمه بما يستطيع الطالب أداءه أولادي يأتوني بواجبات لم يخبروا بطريقة حلها واضطر إلى الاتصال ببعض المعلمين لمساعدتي على حلها لأبنائي.

تحدثت إليه عن أهميّة الواجبات المنزلية وعبارة عن مجموعة من المهام المحددة للطلبة من قبل معلميهم لإنهائها خارج الفصول أو في المنزل. وتشتمل الواجبات المنزلية الشائعة على مقدار أو مدة محددة من القراءة أو الكتابة أو النسخ التي يتم أداؤها أو المشاكل التي يتم حلها أو تشتمل على بناء مشروع مدرسي (على سبيل المثال مسرحية تجربة أو.. إلخ) أو بعض المهارات الأخرى.

ومن فوائد الواجب المنزلي: اكتساب المعرفة وتحسين قدرات ومهارات الطلبة ويمكن أن يكون الهدف من الواجب المنزلي هو تعزيز ما تلقاه الطلبة في الفصول، وإعدادهم لتلقي الدروس التالية (أو الصعبة أو المعقدة) أو ربط ما تعلموه بالمواقف المنبثقة أو دعم قدراتهم بواسطة تطبيق مهارات مختلفة على مهمة واحدة. كما يُتيح الواجب المنزلي فرصة للآباء في المشاركة في تعلم أبنائهم.

وردّ عليّ بسؤال: هل يلزم أن يعطي المعلم كل حصة واجبا أم يعطي لكل وحدة أو موضوع واجبا يقيس ما فهمه الطالب؟؟

أجبته أنّ الواجب المنزلي له محددات ومنها: أولا: الذاتية: أن يقوم التلميذ بتنفيذ واجبه المنزلي بنفسه ليسهم في بناء وتحقيق ذاته، من خلال هذا العمل البسيط.

ثانيا: الحدودية: أن يكون الواجب محددا بعيدا عن الإسهاب، الذي يجعل التلميذ يشعر بالملل، وربما أوكل إلى أحد مهمة تنفيذ جزء من هذا العمل أو كله بسبب المغالاة في كميته أو صعوبته.

ثالثا: الوضوح: أن يقوم المعلم برسم خارطة الواجب المنزلي في أذهان تلاميذه، وأن يكون واضحا وبسيطا ليشجع التلميذ على عدم نسيانه أو التقاعس عن القيام به.

رابعا: التكليف: بمعنى أن يرى المعلم ضرورة تكليف التلاميذ بهذا النشاط، فالتكليف غاية في حد ذاتها يسعى إليها المعلم لينمي فيه جانب الشعور بوجود عمل مطلوب منه مكلف بأدائه.

خامسا: الهدف: وهذه أهم النقاط والجوانب في الواجبات المنزلية التي لا يفكر بها الكثيرون وينظرون إلى الواجب شيء إلزامي يعود به التلميذ يوميا إلى البيت، وهذا خطأ، إذ لابد من الوصول أولا للهدف منه ثم إعطائه للتلاميذ هل من شأنه أن يسهم في عملية التعليم.

طلبت من ولي الأمر أن يزور مدارس أبنائه ويتناقش مع معلميها حول الواجبات المنزلية.

الصادقون والمحقون في قولهم للميدان التربوي ومخاطباً زملاء المهنة ومن في حكمهم مهنة التعليم اليوم مهنة تتطلب منا البحث عن المعينات التي تجعل من التعليم متعة في جميع جوانبها، ومن أجل ذلك يجب أن نفكر كيف نجعل الواجب المنزلي يحقق الأهداف بطريقة سهلة ومحددة، وهي تحديد الهدف من الواجب ومن ثمّ ربطه بأهداف الدرس وتحديد التعليمات التي يجب أن تُعطى للطالب حتى يقوم بواجباته بمفرده دون مساعدة من أحد واختصار الوقت وجاذبية صياغة الواجب والبعد عن الرتابة وجعله مثيراً لاهتمام الطالب والمتابعة والتغذية الراجعة له.

رسالة إلى معلمي لا تجعل الواجب المنزلي عبئا على أولياء الأمور واترك الفرصة للطالب أن يبدع بمفرده.

alhatmihumood72@gmail.com