الإنسانية العمانية

 

يزخر التاريخ العماني بالعديد من النماذج الإنسانية التي تعد تفاصيل حياتها وممارساتها، دروسًا في تعلم كيفية التعامل مع الآخر، وإنكار الذات، ونشر التسامح والمحبة في نفوس أفراد المجتمع.. فالإنسان العماني كان ولا يزال مضرب الأمثال في وداعته وقدرته على نشر التسامح بين المحيطين به.

وفي هذا يقول الرحالة جون أوفنجتن عندما زار عُمان عام 1693 واصفاً أهل عُمان "إن هؤلاء العرب على قدر كبير من دماثة الخلق، يظهرون لطفاً وكرمًا كبيرين للغرباء، فلا يحتقرونهم ولا يلحقون بهم أذى جسديًا. وهم على تشبثهم الثابت بمبادئهم والتزامهم الراسخ بدينهم، لا يفرضون تلك المبادئ وذلك الدين على الآخرين. كما أنهم لا يغالون بالتمسك بها والمرء يقطع في بلادهم مئات الأميال دون أن يتعرض للغة نابية أو لأي سلوك فج".

من هنا يمكننا فهم أهم الأسباب التي أدت إلى انتشار الإسلام في شرق أفريقيا والكثير من البلدان التي زارها العمانيون كتجار وبحّارة فتركوا أثراً استحق احترام وتقدير الشعوب التي زاروها، وكان لذلك أثر إيجابي في إقبالهم على الإسلام.

والنماذج الإنسانية التي تجلت خلال الفترة الماضية، عديدة، منها الخالة زهرة، التي حصدت جائزة السلطان قابوس للعمل التطوعي، وعدد آخر من أصحاب الأيادي البيضاء الذين تبرعوا بسخاء ولم يجعلوا أيديهم مغلولة إلى أعناقهم، بل بسطوها بسطا محمودا، يستفيد منه الجميع.

لا يختلف أحد على أن التسامح نهج عُماني أصيل، لا حياد عنه في أبجديات السياسة العمانية، داخليا وخارجيا؛ حيث تترجم المواقف وتؤكد الشواهد التاريخية ذلك الأمر. وعلى المستوى المحلي فإن التسامح شديد الوضوح في احترام الاختلاف في النوع والعرق والدين، وعلى المستوى الخارجي، فلا أدل على ذلك من أن السلطنة قبلة للباحثين عن السلام في العالم.

العماني بطبيعته لا يتردد في نجدة غيره ومساعدته من أجل إعلاء القيم الإنسانية، والمجال لا يتسع لإبراز البطولات والملاحم التي هبَّ فيها العمانيون لنجدة شعوب أخرى، فضلا عن الجهود المبذولة لإغاثة المحتاجين.

إنَّ نشر القيم الإنسانية ينبغي أن يكون مسؤولية كل فرد في هذا العالم، واجب أصيل يتحمله الجميع، فلا مناص من التحلي بالإنسانية إذا ما أردنا استمرار الحياة على هذا الكوكب دون حروب أو صراعات أو نزاعات.

تعليق عبر الفيس بوك