أول سيرة نبويَّة (شِعريّة) في القرن 21

(... وسراجًا منيرًا) بحث شعري (10)

د. عمر هزاع - دير الزور – سوريا

 

سنبدأ في هذه الحلقة والحلقات القادمة ما يسمى بـ(المرحلة المَدنية) في الدعوة الإسلامية، وهي المرحلة التي ابتدأت بوصوله – صلى الله عليه وسلم – إلى المدينة المنورة, وسيتم تقسيمها لثلاث مراحل داخلية على النحو التالي:
1-    مرحلة الفتن والقلاقل: وتنتهي بصلح الحديبية في السنة السادسة للهجرة.
2-    مرحلة الهدنة: وتنتهي بفتح مكة في السنة الثامنة للهجرة.
3-    مرحلة الإسلام الشامل: وتمتد لوفاته – صلى الله عليه وسلم – في السنة الحادية عشرة للهجرة.

أَولًا : (مرحلة الفتن والقلاقل)، وسيتم اقتباسها بعدة ومضات:
(1)    الومضة الأولى: بناء مجتمع جديد.
(2)    الومضة الثانية: المؤاخاة بين المسلمين.
(3)    الومضة الثالثة: معاهدة تحالف المسلمين.
(4)    الومضة الرابعة: المعاهدة مع اليهود.
(5)    الومضة الخامسة: بدايات الكفاح الدامي.
(6)    الومضة السادسة: غزوة بدر.
(7)    الومضة السابعة: المرحلة بين بدر وأحد.
(8)    الومضة التاسعة: غزوة أحد.
(9)    الومضة التاسعة: المرحلة بين أحد و لأحزاب.
(10)    الومضة العاشرة: غزوة الخندق (الأحزاب).
(11)    الومضة الحادية عشرة: غزوة بني قريظة.
(12)    الومضة الثانية عشرة: المرحلة بين غزوة بني قريظة وصلح الحديبية.
(13)    الومضة الثالثة عشرة: صلح الحديبية.
وسنتحدث اليوم عن (بناء المجتمع الجديد):
لَوِ افتَكَرتَ بِحــالِ النَّــاسِ تَعزُوها
                     لِنَقلَةٍ –  جَمَّةِ الأَسبابِ  – تَحزُوها
وَلَيــسَ ذاكَ بِوَضـــعٍ كانَ يَجـهَلُهُ
                     نَبِيُّهـــا الفَـــذُّ, أَو سَقـــطًا فَيَسلُـوها  
لِأَجلِ ذَلِكَ؛ كانَ المُسلِمونَ عَلى
                      يُمناهُ, ما ابتَدَرَتْ أَمرًا أَطــاعُوها
بِهِم  بَنى وَلَهُم  مُستَقبَلًا حَبِطَتْ
                      أَخطـــاءُ حِقبَتِهِ لَمَّـــا تَخَطُّـــــوها
لَكِنَّنا –  اليَومَ  - مَزَّقْنا خَريطَتَنا
                      وَالنَّاسُ بَوصَلَةَ الرُّؤيا أَضَــاعُوها

فَمُدَّعُــونَ – لِحَــقِّ الدِّينِ – مَخلَفَةً
                               وَمُوعِدُونَ لِدِينِ الحَقِّ لافُوها!
- طَرائِقًا قِدَدًا – عــادَتْ مَذاهِبُــهُم
                          حَتَّى إِذا اعَتَدَتِ الأَقطارُ هابُوها!
أَمَّا هُمُ الهِمَمُ؛ الهاماتُ؛ ما ارَتَفَعَتْ
                              عَقائِرُ الكِبرِ - كُبَّارًا - أَذَلُّوها
لَمَّا الرَّســولُ أَقامَ الـــدَّربَ مَنهَجُهُ
                             وراءَهُ انتَظَمُوا صَفًّا, فَسارُوها
تَحَمَّلُـــوا في سَبيــلِ اللَّهِ كُـلَّ أَذى
                       فاستَعذَبُوا المَوتَ, وَالأَرواحَ باعُوها
فَثَبَّتُوا لِقِـــراعِ الكُفــــرِ أَرجُلَهُم    
                           فَحَطَّمُوا الهامَ, وَالأَذنابَ قَصُّوها
بِطاعَةِ اللَّهِ رَصُّوا الصَّفَّ, فانتَصَرُوا
                            وَسُنَّةَ العـــاقِبِ الهادي أَشاعُوها  
عَلى دَوالِ صِراعاتِ الرَّفافِ بَنى
                            "مُحَمَّدٌ " دَولَةَ الإِسلامِ, يَرفُوها
لِيَستَعيضَ بِـــذاتِ البَيــــنِ رابِطَةً
                     بَينَ العَضائِلِ عَمَّا كانَ يَعضُوها *96
كَمَّاشَةٌ - مِن حِصاراتِ القُرى - انطَبَقَتْ
                    عَلى "المَدينَةِ", وَالكُفَّارُ أَضنُوها *97
وَالطَّامِحونَ - لِعاجِ الحُكمِ - أَبغَضَهُم
                    حُطامُ حُلمٍ؛ فَبالغَضباتِ عاجُوها *98
أَمَّا التَّحَدِّي الحَقِيقيُّ "اليَهُودُ", فَقَد
                           تآمَرُوا بِخِياناتٍ, فَأَعيُوها *99
بِالحِلمِ  بِالدَّعوَةِ  استَولى الرَّسولُ عَلى
                               قُلوبِ أَبنائِها, حَتَّى استَحَبُّوها
لِأَنَّهُ الحُجَّةُ الكُبرى, وَجاحِدُهُ
                        أَحشاءَه – بِحَميمِ الخِزيِ – يَحشُوها
"مُحَمَّدٌ" شَمسُ دِينِ اللَّهِ؛ صَفوَتُهُ
                         فَبِالتَّجِـــلَّـــةِ؛ وَالتَّهـــليلِ حَيُّـــــوها  
"مُحَمَّدٌ" وَجهَةُ الأَرواحِ؛ قِبلَتُها
                       فَيَمِّمُوا – شَطرَها – التَّحنانَ؛ وَلُّوها
 
ـــــــــــــ
الهامش:
يحزو: يقدر ويتكهن\ مخلفة: منزل و مرحلة و طريق \ موعدون: أعداء \ لاف: ( الصقر الصيد) التف عليه وجعله تحت مخالبه (لاف القوم القوم) اختلطوا بهم\ طرائق: مذاهب وطبقات وطرق\ قدد: جمع قدة وهي قطعة من الشيء المقدود وكذلك الفرقة من الناس المختلفة أهواؤهم.
العاقب: من ألقاب النبي صلى الله عليه وسلم \ رفاف: قطيع الماشية (وهنا المقصود به القوميات المختلفة والإثنيات التي كانت تتصارع في المدينة)\ يرفو: (الخرق) يلأمه بالخياطة, وكذلك يرفو: يسكن الخوف ويسد الحاجة\عضائل: (جمع عضيلة) كل عصبة في الجسم معها لحم مكتنز\ يعضو: يفرق ويقسم ويجزئ\ عاج (على المكان و به) طاف ومال وأقام (السائر) وقف.
ـــــــــــــــــــــــ
المراجع:
*96: قامت نواة الدولة الإسلامية في المدينة على إرهاصات عدة منها الصراعات القديمة بين الأوس و الخزرج و التي كانت قبائل اليهود تغذيها باستمرار وكان الرسول – صلى الله عليه وسلم – يدعوهم لنبذ الفرقة و للمصالحة باسم الإسلام الذي هو دين الوحدة و التوحيد الذي تذوب فيه جميع العصبيات و الإثنيات
*97: ألبت قريش قبائل الحجاز و العرب على المدينة ليقاطعوها ويطبقوا عليها الحصار الاقتصادي الذي أثر كثيرا فيها و خاصة أنها لم تكن ذات غنى و ثروات كبيرة
*98: كما واجه الرسول – صلى الله عليه و سلم – خطر المشركين الذين تصنعوا ظاهر الود و استبطنوا الخيانات و على رأسهم عبدالله بن أبي الذي اجتمعت الأوس و الخزرج على تمليكه – على المدينة – لولا مباغتة قدوم الرسول إليها فانصرفوا عنه إلى رسول الله فكان يرى أن النبي استلبه ملكه فأبطن له العداوة و الإحن.
*99: كان يهود المدينة يكرهون العرب أشد الكره و يعتبرونهم في منزلة وضيعة و يسمونهم الأميين و يستغلونهم و يبتزونهم و يفرقون بين قبائلهم فلما ظهر الإسلام وجاء النبي للمدينة ناصبوه العداء و لما استعصى عليهم أخفوا ضغينتهم و كادوا المسلمين لأن الإسلام دعا لوحدة التي لا يريدها اليهود للعرب كما دعا لنبذ الربا و سواه من معاملات اليهود علاوة على كرههم المسبق للرسول لأنه لم يكن من قوميتهم , و قد كانت اليهود على ثلث قبائل في المدينة, هم:
بنو قينقاع حلفاء الخزرج و يسكنون داخل المدينة, وبنو قريظة وبنو النضير وهما حلفاء الأوس ويسكنون ضواحي  المدينة.

تعليق عبر الفيس بوك