إشراقة شمس عُمان

 

حميد بن مسلم السعيدي

ما بين الليل والنهار هناك مرحلة فاصلة في مدار التاريخ، وهي اللحظة التي يُشرق فيها الفجر معلنا عن يوم جديد، هي لحظة فارقة ما بين ظلام الليل ونور النهار، ما بين مرحلة مضت، ويوم جديد يُسجل بين أركان التاريخ، إنه الثامن عشر من نوفمبر المجيد، هنا توقفت الكلمات وربما لحظة من الساعة كانت فارقة لم تسجلها إلا لحظات الفرح والسعادة، وما بين هذه وتلك كان هناك استشعار وربما شيء أراد أن يحدث ضياءً على أرض كانت غارقة في الظلام، فبزغ نور أزال الظلام وفتح مساراً جديدا نحو المستقبل.

كانت الأبواب مغلقة أمام الجهل والتمرد والخوف، وكان البحث عن الأمل وصل مرحلة اليأس فلم يجد الإنسان إلا الرحيل باحثاً عن مصدر رزقه، وباحثا عن العلم، وباحثا عن مكان يجد فيه هويته وإنسانيته، وربما تشكلت مرحلة المهجر التي تكونت بين أنين الخوف والتفكير في المستقبل وبين حنين الوطن، هي المرحلة التي كانت تنتظر إشراقة فجر جديد يفتح تلك الأبواب ليعلن عن مرحلة النهضة، "كان بالأمس ظلام ولكن بعون الله غدًا سيشرق الفجر على عُمان وعلى أهلنا" فكانت بزوغ إشراقة شمس عُمان معلنة عن يوم جديد تبدأ معه مرحلة البناء والعودة للوطن، فجهز الجميع حقائبه واستفادوا من تلك المرحلة ليعودوا مجهزين بالعلم ليكونوا بين سواعد البناء، حينها تشكلت بوادر دولة جديدة ولدت من رحم الجهل والفقر والصراع.

عاد الجميع ومعه أمل المستقبل، عادوا وكانوا يدا واحدة مع القائد الذي أعطى وعدا من أجل شعبه " سأعمل بأسرع ما يمكن لِجَعْلِكُمْ تعيشون سُّعَدَاءِ لمستقبل أفضل"، هنا كان الوعد وهنا كان الوفاء على أرض الوطن التي لم تتوقف بها حركة البناء والتي كانت مستمرة تشق طريقها عبر أمواج المحيطات لترسو في ميناء الدول المتقدمة.

لذا عندما يريد الآخرون أن يفسروا حُب العُمانيين لهذا القائد فإنّهم سيعجزون عن فك رموزه، لذا ستظل أذهانهم غائبة عن الواقع، لا يستطيعون استيعاب جمال هذا الحب، وهذا الولاء لهذا القائد العظيم، وربما يبقى سراً يحتفظ به العمانيون وحدهم، تنبض قلوبهم به دائما، تبحث بين أوردتها عن دماء تجدد به العهد، من أجل أن يبقى هذا الوطن شامخاً كشموخ جبال عُمان، التي ظلت متماسكة بصلابتها أمام تيارات التغير والصراعات، فظلت رافعة راية العطاء والعمل لأجل عُمان، نائية بنفسها عن كل شيء، إلا نشر السلام والمحبة بين شعوب العالم.

فلا ريب أن يعشق العُمانيون قائدهم، يعشقون ابتسامته، يعشقون جمال ملامح وجه، يعشقون إطلالته بين الفينة والأخرى ينتظرون طائرته ويراقبونها، يترقبون زيارة أحدهم من أجل أن يظهر قائدهم في استقباله، يبكون عندما يشعرون بأنّ الزمن قد أرهقه، يتأملون ملامح وجهه، وينظرون إلى تجاعيد الزمن التي أرهقت كاهله، ويدعون له في صلواتهم، يبتهلون من أجل صحته، ومن أجل سعادته، ومن أجل أن يبقى هذا الوطن آمنا وسالماً.

ونحن اليوم في نوفمبر المجيد بعد مضى سبعة وأربعين عاما من العطاء والعمل لأجل عُمان ما زالت تباشير الخير مستمرة، ترسم مكتسبات جديدة تتحقق على أرض الوطن، من أجل أن ينعم أبناؤه بخيراته، لذا فمسيرة الإنجازات تعلن كل يوم من هذه الأيام عن مشاريع في مختلف المجالات، من أجل أن ينعم الإنسان بخيرات وطنه، ويشعر بمكانته التي أرادها باني هذه النهضة المباركة، وتحقيقاً لوعده الذي أصدره قبل سبعة وأربعين عاماً، هذا الوعد الذي تحقق وما زال يرسم مساره، ليشعر الموطن بحجم مكانته التي أرادها جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم.

فعُمان اليوم تسعد بخيرات هذه النهضة المباركة، فقد أصبحت دولة لها مكانتها ومقامها على مستوى العالم، وحصلت على إشادة عظيمة من مختلف قادة العالم، لما رواه من تحقيق لنهضة حديثة، وتمسكاً بمبادئ عظيمة بقيت شاهدة على منهجية واحدة لم تتغير، رغم تغير كل الظروف والمعطيات الدولية في مختلف المسارات، إلا أنّ العُمانيين وتحت راية قائدهم ظلوا ثابتين على مبادئهم وقيمهم الوطنية التي تركز على الاهتمام ببناء عُمان وعلى التعاون ونشر السلام بين شعوب العالم، لذا فقد أصبحت عُمان وجهة للباحثين عن السلام في عالم مضطرب ومتصارع. ونحن اليوم نحتفل بصمودنا ومبادئنا وقيمنا وهويتنا العُمانية التي ظلت ثابتة تكافح العصر، نحتفل لأننا عُمانيون وأبناء هذه الأرض التي لا تنبت إلا طيباً، نحتفل بإنجازات هذا الوطن ومكتسباته، نحتفل لأننا نعشق رؤية جلالته، نحتفل لأننا نريد أن نكون في الريادة، نحتفل لأننا حققنا الإجازات العظيمة، نحتفل وقلوبنا تنبض حبا لجلالة السلطان قابوس "إنّ الشعوب حينما تحتفل بأعيادها الوطنية، إنما تفعل ذلك تمجيداً لأيام في تاريخها مشرقة، وحوادث من الزمان نادرة. إنّ الأيام في حياة شعبنا لا تقاس بوحدات الزمن، وإنما بوزن ما تفتحه من آفاق، وما تلهمه من أفكار، وما حولته من الآمال إلى واقع حي لتأخذ مكانها بين طلائع الشعوب السائرة من أجل التقدم والسلام والرخاء"، وهنا عبر عتبات الزمن نخطو خطوات نحو المستقبل لنعلن أننا هناك يجب أن تكون لنا مكانة بين الأمم، نصنع لنا تاريخاً يظل خالدًا يُحكى للأجيال، مثل ما نحن اليوم نرى إنجازات أجدادنا التي تحدت التاريخ وبقيت شامخة، وشاهدة على تضحيات جسام وأعمال بقيت شاهدة على حضارة عظيمة، لذا علينا اليوم أن نثبت مواطنتنا الحقيقية، ونعمل من أجل عُمان الخالدة، من أجل أن يستمر نور الفجر يضيء لنا مسارات المستقبل، فشكرًا لك أيّها القائد العظيم، وشكرًا لرجال عُمان الأوفياء الذين كانوا أكثر وفاءً وإخلاصا لعُمان.

 

Hm.alsaidi2@gmail.com

 

 

الأكثر قراءة