قابوس .. أيقونة السلام

 

عبد الله العجمي

"تشرّفت البارحة بزيارة المعرض العماني بمعرض الجزائر الدولي، صراحةً انبهرت بما تُقدّمه اليد العمانية من إنتاج صناعي، والآفاق الإستراتيجية التي يبرزها العقل العُماني.. دمتم متميّزين".

وصلتني هذه الرسالة المُعبّرة عبر أحد برامج التواصل الاجتماعي من الأستاذ القدير عبد الرحمن شماني الناشط في المجتمع المدني والسياسي والعضو القيادي بالحزب الحاكم في الجزائر والذي يشغل أيضًا منصب النائب الأول لرئيس الاتحاد العربي الأفريقي للإعلام الرقمي وذلك خلال زيارته لمعرض "المنتجات العمانية بالعاصمة الجزائرية والذي شاركت فيه حوالي 70 مؤسسة من السلطنة في الفترة من 9 وحتى 12 من أكتوبر الماضي..

جعلتني هذه الرسالة أحلّق بمخيلتي كثيراً، باحثاً عن ردٍّ يتناسب مع رسالته التي اختصرت رؤيته وانطباعه عمّا شاهده من منتجات عمانية.. فلم أجد رداً إلا أن أقول إنها مُخرجات مدرسة السلطان قابوس..

هذا القائد الذي أدرك أن الأولوية القصوى هي الوطن، وأن المواطن هو الغاية، وأن الهدف الأسمى أن يتجاوز العُماني بإنجازاته وشموخه حدود وطنه، بعد أن استطاع القفز من فوق خنادق الطائفية المكهربة وتخطّي حُفَرَ القبليّة، ليأخذ بأيدي مواطنيه إلى مصافّ الأمم، فاستطاع أن يجمع بين الوطنيّة العمانية، والعربية الشمولية، والإنسانية السامية، ولقد استطاع على مدى قرابة نصف قرن، أن يُنتِج ثقافة فريدة رسّخها في عقول شعبه ومواطنيه بأن الخلاص في السِّلم، ولا حلّ أفضل منه في هذا العالم.. فاستطاع بذلك النّهج أن يؤسس لعلاقات مع المتناقضَين في آن واحد، بحيث استطاع أن يقف على مسافة واحدة من كليهما، فتواصل مع الكل كحمامة سلام، رافضاً أن تتخندق عُمان خلف تحزّبات تولد هنا أو تحالفات -وليدة لحظتها- أُسّست هناك.. قائدٌ عصاميّ اتّسقت ملامح شخصيته الفذة لتنتج لنا نهضة تضع الإنسان العماني نُصب عينيها وتوليه جُلّ اهتمامها.

لقد عكف على تنوير العقل العماني وتحريره، لتسري ثقافة المحبّة بين مواطنيه برغم تنوع تضاريس هذا الوطن، وتنوّع مكوّناته وطوائفه.. واستطاع أن ينتشل المواطن العُماني من براثن الجهل والأمية ليحتل مكانة رائدة ومرموقة على منصات التقدم في شتى المجالات.. فَتعلَّم العُماني من هذه المدرسة عدم التمحور أو الانحياز حول كل شاردة وواردة تحدث، فأصبح وعلى رغم انفتاحه على العالم؛ لا يزال متمسكاً بتراثه وحضارته.. وأصبح العماني أينما حلّ حاملاً لفكر السلام والتعايش السلميّ، وأصبحت السلطنة محطّ رحال ساسة وقادة الدول.. الشقيقة منها والصديقة، وأضحت أغلب حلول المشاكل الحاصلة في منطقتنا تمر عبر مسقط، لتُرسم فيها خرائط الحلول وعليها ما عليها من بصمات عُمانية.. فالسلطنة وإن كانت بموقعها الجغرافي في أقصى الشرق من الوطن العربي وهي أول الدول العربية التي تطلّ عليها الشمس يومياً إلا أنها وبلا مبالغة صارت مركزاً مهماً لا غنى عنه.. لما لها من تأثير إيجابي بارز بترسيخ مبادئ السلام والتسامح والاعتدال..

وها هي قوافل العُمانيين بدأت وانطلقت للتعريف بهذه المدرسة القابوسية الفريدة في هذا الزمن.. فعزّزت هذه الانطلاقات وجود العُماني في مختلف الأقاليم والبلدان، فصار يمشي وهو واثق الخطى، ويهرول وهو مرفوع الهامة، ويحلّق كحمامة سلامٍ وسط هذه الأجواء المشحونة والتي تعجّ بالأزمات والحروب.. إنهم تلامذة تتلمذوا علي يد مُعلّم فذّ.

إنه السلطان قابوس.. أيقونة السلام.