ثمار النهضة

 

طالب المقبالي

 

في شهر نوفمبر المجيد تتزاحم الأفراح وينتشر عبقها في جميع أرجاء البلاد.

فمحافظات السلطنة الإحدى عشرة قد شهدت إنجازات عديدة جنتها ولاياتها من بستان عهد النهضة المباركة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم -حفظه الله ورعاه- والتي عمّت ربوع الوطن من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه.

فليس بجديد أن نتحدث عن الإنجازات العظيمة التي شهدتها البلاد، ولكن الجديد أن هذه الإنجازات تتجدد وتتنوع وتتطور تماشياً مع التطور الحضاري في عالم متجدد ومتطور.

فقط كنا قبل أكثر من أربعة عقود نتحدث عن مشاريع الكهرباء والمياه والهاتف التي كانت آنذاك تشكل نقلة نوعية وتطوراً لا مثيل له في حينه بعدما كانت الكهرباء معدومة والاتصالات لا أثر لها، والمياه أغلبها من الآبار والأفلاج وهي شحيحة.

أمّا اليوم فنتكلم عن مشاريع عملاقة لم تكن في خلد أي فرد منا، وإن كُشِفَ لنا مضمونها قبل أربعين عاماً فإننا لا نستوعبها ولا ندرك أهميّتها ففاقد الشيء لا يعطيه، وإن حدثنا عنها أحد لا تهم بالهلوسة والجنون، فقد كان النظر قصير ولا يدرك أو يستوعب واقع اليوم.

فاليوم نتحدث عن الطرق السريعة وعن الجسور وعن المطارات العملاقة وعن الطاقة البديلة وعن الاتصالات بأنواعها، وعن الأنترنت وعن الألياف البصرية وعن القطارات وعن سكك الحديد وعن الطائرات والمشاريع المصاحبة لها، ونتحدث عن الموانئ التجارية والموانئ السياحية، ونتحدث عن المناطق الحرة، ونتحدث عن المنتجعات السياحية، ونتحدث عن المياه القادمة من أعماق البحار لتطال السهل والجبل كأشبه بالمعجزة والحلم.

كنا قديما نتحدث عن معجزة لو كان في ولاية الرستاق بحراً، أو شقت قناة يصل فيها البحر إلى الولايات المتاخمة للجبال والبعيدة عن بحر، واليوم أصبح الحلم حقيقة، فقد أتى البحر ولكن عبارة عن مياه نقية كالزلال تداعب شفاه العطاش، فلم يعد في البلاد بيت إلا وارتشف رشفة من هذه المياه الصافية النقية التي كانت يوماً من الأيام حلماً من الأحلام وضرباً من الخيال، واليوم أصبح ذلك الحلم حقيقة واقعة.

لقد حلمنا أن تكون لدينا مطارات في ولاياتنا، وها هي اليوم تنتشر في مختلف محافظات السلطنة الجميلة في مسقط وصلالة والدقم وصحار وغيرها.

وقد حلمنا بموانئ حرة تستقطب البضائع، ومناطق صناعية تستقطب الاستثمارات الأجنبية، فها هي الدقم، تلك المدينة الاقتصادية المتكاملة، وها هو ميناء صحار الذي أصبح يستقطب سفن الشحن العملاقة، وها هي مناطقنا الصناعية أيضاً في الرسيل وفي ريسوت وفي صحار قد فتحت الآفاق للمشاريع الصناعية العملاقة، وجلبت الاستثمارات الأجنبية من مختلف دول العالم.

ومن المشاريع الكبيرة التي بدأنا ننعم ونستمتع بها طريق الباطنة السريع بحزمه الست من حلبان إلى خطمة ملاحة، هذا الطريق الذي نفذ وفق مواصفات عالمية وبأربع حارات وجسور لتسهيل الحركة بكل انسيابية ويسر، كما بدأ المواطن في محافظتي جنوب وشمال الشرقية يستمتع بازدواجية طريق بدبد صور التي فتحت أجزاء منه، كما إن سكان السلطنة وزوارها المتجهون إلى محافظة ظفار يتابعون بشغف تنفيذ ازدواجية طريق أدم، ثمريت الذي يعتبر من أطول الطرق في السلطنة على الاطلاق، وهناك ازدواجية طريق عبري المتجه إلى محافظة الداخلية، ولا ننسى تلك المشاريع العملاقة والجسور التي نفذت في محافظة ظفار التي خففت الزحام أثناء فصل الخريف، كذلك مشروع ازدواجية عقبة الرستاق التي كانت حلم من الأحلام ورصف طريف وادي السحتن بالرستاق الذي جاء بمكرمة سامية كان من أضخم المشاريع، وكان أشبه بالمستحيل وذلك لوعورة المنطقة وصعوبة التضاريس، وقد أصبح الوم حقيقة.

فلو أردنا أن نحصر تلك المشاريع العملاقة لتطلب ذلك مقالات عديدة، ولكن أوردت بعضاً من هذا التنوع الكبير من المنجزات التي حولت السلطنة من العدم إلى دولة أصبحت تقارع وتنافس الدول الكبرى في التطور.

muqbali@hotmail.com